ماذا عن شكل العراق بعد «داعش»..؟
أثار توقف عملية تحرير تكريت جدلاً كبيراً، في مختلف المستويات السياسية والإعلامية، حول الأسباب الحقيقية لتوقفها، وانتشاراً واسعاً للإشاعات في تلك الأوساط، حيث لم يتوقف الجدل أو الإشاعات حتى بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بخطاب متلفز عن بدء المرحلة الأخيرة من عملية تحرير صلاح الدين.
مما لا شك فيه أن معركة تحرير الأراضي العراقية من «داعش» باتت تأخذ طابعاً وطنياً، حيث وضعت تضحيات المقاتلين على الأرض حداً للخطاب الطائفي لمصلحة الخطاب الوطني، وبدأت تتشكل قوة مسلحة وطنية في خضم المعركة ستشكل نواة الجيش العراقي الوطني الذي ينبغي أن يبنى على أساس قانون الخدمة الإلزامية.
وبرز، بشكل واضح، الخلاف بين القيادة السياسية والقيادة الميدانية العسكرية لناحية دور «التحالف الدولي» في المعركة، حيث ترفض معظم القيادات العسكرية أية مشاركة لهذا التحالف، بل وتتهمه بدعم «داعش»، في الوقت الذي تتراجع فيه أكثرية القيادات السياسية أمام الضغوط الأمريكية المطالبة بدور قيادي لتحالفها في المعركة، بل وتحديد آليتها، خصوصاً وأن التقهقر الأمريكي بدا واضحاً، سواء لخوض العراق المعارك دون مشاركة قوات التحالف، أو لجهة الدورين الروسي والإيراني العلني في دعم العراق، وفي الإعلان الروسي- العراقي المشترك دليلاً على ذلك.
إن بنية النظام السياسي في العراق مولدة للأزمات، فعلى الرغم من إجراء ثلاثة انتخابات برلمانية، ما زالت النتيجة واحدة بغض النظر عن نسبة الأصوات التي حصلت عليها هذه الجهة أو تلك، إذ تجري محاصصة الحكم على القاعدة نفسها التي تم وفقها تشكيل مجلس الحكم، سيئ الصيت، باعتماد نظام المحاصصة الطائفية الأثنية، فخُصص 13 مقعداً «شيعياً» وخمسة مقاعد «سنّية» و5 مقاعد «أكراد» ومقعد واحد «تركماني» ومقعداً آخر «كلدوآشوري»، وبتحديد المناصب العليا وبناء تركيبة الوزرات ووكلاء الوزراء حتى درجة مدير عام، على أساس طائفي.
جاءت تصريحات عضو مجلس محافظة صلاح الدين، سبهان ملا جياد، وهو الشخصية اليسارية التي تتمتع بمصداقية عالية على مستوى محافظته والعراق عامة، لتضع الأمور في نصابها الواقعي. إذ أشاد بالطريقة التي اتبعتها القوات الأمنية والمتطوعين في تفكيك ما سماها بالعقد السياسية المحتمل إثارتها قبل وبعد معركة اقتحام مدينة تكريت من خلال التعامل الإنساني مع المواطنين هناك، مؤكداً على أن التطمينات التي بعثها المقاتلون الموجودون في صلاح الدين، وخلال المعارك التي خاضوها مع عناصر «داعش» الإرهابية، فندت المراهنات الداخلية والخارجية على موضوعة الطائفية والثارات التي روج لها الكثير من السياسيين ووسائل الإعلام المغرضة، معتبراً أن مشاركة أهالي المحافظة وأبناء العشائر جنباً إلى جنب مع هذه القوات في تحرير مدينتهم أفشل جميع المراهنات. وشدد على أن معركة تطهير تكريت والقصور الرئاسية أصبحت مسألة وقت فقط، وهي أسهل مما يتصور البعض كونها ستكون خاطفة ومباغتة، فضلاً عن أن العدو استنزف بشرياً وعسكرياً، مشيراً إلى أن العدد الأكبر من «الدواعش» يتجمعون في هذه المنطقة، وعملية استهدافهم لن تستغرق وقتاً طويلاً.
* منسق التيار اليساري الوطني العراقي