خطان في أوكرانيا: انتصار لمبدأ الحلول السياسية
فيما ما تزال رحى الصراع تدور في أوكرانيا، ظهر في ساحتها مؤخراً طرحان متغايران، الأول أمريكي سقط فعلياً، والثاني أوروبي. في وقتٍ لم تنفك فيه الدبلوماسية الروسية ثابتةٌ في دعوتها إلى حلٍ سياسي يضع حداً للصراع بين سكان شرق أوكرانيا والحكومة الأوكرانية.
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها تقديم الدعم العسكري المباشر للقوات الأوكرانية. جاء ذلك على لسان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي اقترح تخصيص مبلغ من الموازنة العامة الأمريكية في عام 2016 لدعم القوات الأوكرانية في مواجهة «التحديات الروسية». إلا أن ذلك الاتجاه الذي يعبر عن السعي الأمريكي لزيادة إضرام الحرائق حول العالم، كان قد اصطدم بالرغبة الأوروبية، الفرنسية والألمانية على وجه الخصوص، لحل المشاكل العالقة مع روسيا عبر المفاوضات.
وبعد إعلانهما عن مبادرة جديدة سيجري نقاشها مع روسيا، تخوض باريس وبرلين المفاوضات على قاعدة عدم دفع فاتورة احتمالات التصعيد الأمريكي من جهة، وتحصيل ما يمكن تحصيله من تنازلات روسية عبر التفاوض والتسويات من جهة أخرى. في هذا الصدد، أكدت صحيفة «نوفيل أوبسيرفاتور» الفرنسية أن هدف ميركل وهولاند من المحادثات مع روسيا، يتمثل في «مسابقة الولايات المتحدة التي تنوي محاولة فرض حل للقضية الأوكرانية على الأوروبيين، وهو نقل الأسلحة لكييف» قبل أن تخرج تصريحات المسؤولين الأمريكيين ذاتهم، لتعلن التراجع عن فكرة تسليح أوكرانيا.
إن كان احتمال اتجاه الدول الأوروبية نحو التفاوض وفق مبدأ العرقلة احتمالاً قائماً، إلا أنه مجرد الانتقال من دائرة الصراع العسكري إلى منطق الصراع على أساس التفاوض والحل السياسي يعدُّ انتصاراً للقوى الدولية التي دعت منذ اللحظة الأولى إلى الحوار، وهزيمةً في الوقت عينه للقوى الدولية الأخرى التي راهنت على الخيار العسكري.
يأتي ذلك في ظل تدهور اقتصادي متسارع تعيشه أوكرانيا، حيث ارتفع معدل التضخم ليصل إلى حدود 25%، وانهار يوم الخميس الماضي سعر صرف العملة الأوكرانية «الهريفنا» إلى أكثر من 30%. في وقتٍ بلغت فيه ديون أوكرانيا التي يجب أن تدفعها هذا العام نحو 10 مليارات دولار، فيما تقلَّص احتياطي القطع الأجنبي لديها إلى حوالي 6.5 مليارات دولار!