عمال العراق: «داعش» أمامنا ومنظومة أمريكا خلفنا
تعيش الأحزاب الطائفية والعنصرية في العراق فساداً وتقطيعاً: نهب الأموال وتهريب النفط والآثار وتفكيك المصانع وشبكات الكهرباء والسيارات وبيعها إلى الدول المجاورة، فضلاً عن سرقة ممتلكات الدولة العراقية المنقولة وغير المنقولة، والاستيلاء على الأبنية الحكومية، وصولاً إلى توريد الأدوية والبضائع الفاسدة.
تجري تلك المقامرة بالتوازي مع تشكيل المليشيات الطائفية والعنصرية وتمويلها من ميزانية الدولة العراقية، ناهيكم عن جرائم القتل والتصفيات والاختطاف والاغتصاب والمتاجرة بالبشر والتفجيرات والاغتيالات والقمع والابتزاز التي تجري على قدم وساق. وكل ذلك تحت شعارات تفتيتية للنسيج المجتمعي العراقي، كشعار «الفيدرالية» سيء الصيت، والمتاجرة بشعار «المصالحة الوطنية» لاستعادة فلول النظام السابق وأمثاله جزءاً من السلطة المفقودة، وإجراء الانتخابات تلو الأخرى، برلمانية وبلدية، بشعارات «وطنية» مزيفة بعد إفلاس الشعارات الطائفية، وبتمويل مهول لا أحد يعلم مصادره.
تلك هي عناوين «الديمقراطية الأمريكية» في العراق «الجديد»، والتي توجت بعنوان «داعش» الذي كاد يحتل كركوك خلال الأسبوع الماضي على وقع دق طبول الانتصارات المزعومة التي يعلنها كل من المركز والإقليم، أي كركوك النفط والغاز المقرَّر سحبهما وضخهما إلى أعداء الدولة العراقية عبر «دولة» داعش.
حجر طائفي على قانون الأحزاب
لم يشرَّع قانون الأحزاب رغم مرور عقد من حكم 9/نيسان/2003 وإجراء ثلاثة انتخابات برلمانية، لأنه يرصد التمويل والارتباطات الخارجية والداخلية، ويحرم تشكيل الأحزاب على أساس الطائفية والعنصرية، وينسف بالتالي أساس وجود الأحزاب القائمة الحاكمة، وبنية الحكم على أساس المحاصصة الطائفية الأثنية. وسيفتح الطريق أمام الأحزاب اليسارية والوطنية الديمقراطية لدخول المعركة الانتخابية بقوة قادرة على تغيير ميزان القوى لصالح المشروع الوطني التحرري.
الطبقة العاملة العراقية وزمام المبادرة
رغم التأجيج الطائفي والأثني- حتى على صعيد مواجهة «داعش»- فإن الطبقة العاملة العراقية تقوم بدورها الطبقي والوطني، هذا الدور المتصاعد بالإضرابات والتظاهرات؛ فقد ناشد الاتحاد العام لنقابات العاملين في العراق العمال «صناع الحياة وبناة الأوطان» في بيانه الصادر بتاريخ 1/2/2015 بتحمل «مسؤولية كبيرة أمام جملة تحديات حقيقية تتعلق بمستقبلكم ومستقبل عوائلكم.. إننا أيها الأخوة نمثل أكثر من 75% من المجتمع، واجهنا ومازلنا نواجه كل أنواع البربرية والقوى الرأسمالية، محلية كانت أم عالمية، بقوتنا و نضالنا وصلابة مواقفنا تجاه حياتنا ومستقبل أطفالنا..». ونبَّه العمال إلى أن «الحكومة والبرلمان الهزيل وكل القوى الرجعية المتنفذة بالسلطة قد نسيت ما هو دورنا، وما هي قوتنا، ومن هو المنتج الحقيقي».
وحمَّل البيان النقابي العمالي جميع الحكومات مسؤولية الكوارث التي حلت بالعراق وشعبه فـ«كل الحكومات أياً كانت عناوينها وسنوات حكمها لهذا المجتمع الذي عانى من التسلط والقهر والاستبداد وانعدام الخدمات كما عانى من كل أشكال العنف والإرهاب العالمي والمحلي الذي ألحق بالضرر البالغ بحياة ومصير ملايين البشر.. نحن من يتعرض لكل تلك الهجمات والقتل والتصفيات والجوع والحصار، ودفعنا ثمن هراء ورعونة واستهتار المغامرين بثرواتنا ومستقبلنا. بعد كل هذا وما حيك ويحاك الآن من مؤامرات دفعنا من الدماء الشيء الكثير. إن الحكومة اليوم عازمة على إجهاض كل ما بنيناه طيلة سنوات، وكافحنا وناضلنا من أجله لسنوات، وتعرضنا لكل أشكال الفقر والقمع والظلم والحيف وأسوأ أنواع العقوبات».
* منسق التيار اليساري الوطني العراقي