المقاومون الحقيقيون يرفضون الدعم الأمريكي
يوماً بعد يوم، تتصاعد الموجة الوطنية العراقية الرافضة والمقاومة للقوى التقسيمية المرتبطة بالمشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي في المنطقة. وتنحسر مساحة مناورة القوى الرجعية رغم تعالي أصواتها النشاز المتاجرة بما يسمى «حقوق المحافظات» على أساس مناطقي وقبلي وطائفي.
إذا كان «داعش» يسيطر على 85 في المائة من الأنبار، ويستجدي تجار الفيدرالية- وعلى رأسهم صباح كرحوت، رئيس مجلس محافظة الأنبار، الأمريكيين لتسليحهم, فإن العشائر الأنبارية الوطنية قد رفضت فكرة تسليحها من قبل الولايات المتحدة.
حيث أكد كلٌّ من الشيخ نعيم الكعود، أحد شيوخ عشيرة البونمر في الأنبار، والشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشيرة البوفهد، رفضهما «لمتاجرة بدماء أهالي الأنبار من قبل شخصيات، حتى وإن كانت عشائرية، إلا أن غالبيتها تقطن خارج المحافظة وتحديداً في أربيل أو في العاصمة الأردنية عمان». وأعلن الكعود الذي قتل تنظيم «داعش» الإرهابي أكثر من 650 شخصاً من أبناء عشيرته، إن «الأفضل بالنسبة لنا، نحن أبناء الأنبار، أن تتولى الدولة العراقية تسليحنا.. وإن المشكلة التي نواجهها هي أن الحكومة ليست جادة حتى الآن في تسليحنا، علماً بأنها قادرة على ذلك، وهذه واحدة من مشكلاتنا معها فعلى الرغم من أن مقاتلينا يتمتعون بمعنويات عالية لكن ينقصهم السلاح». ويذكر أن عشيرته اضطرت إلى شراء الأسلحة على نفقتها لاضطرارها إلى ذلك، لأن المسألة بينها وبين «داعش» أصبحت في جانب منها ثأري، بالإضافة إلى أنها عملية دفاع عن الأرض والوطن، لا سيما أن العشيرة تعرضت في هيت إلى مجزرة من قبل «داعش».
وكانت الإدارة الأمريكية قد وجَّهت صفعة لوفد صباح كرحوت الذي زارها. عندما خصصت لتسليح مريديها مبالغ مضحكة، على أن تجري العملية عبر الحكومة المركزية, لا حرصاً من إدارة أوباما على وحدة العراق، وإنما استناداً إلى المعلومات التي تؤكد ضعف تأثير هذا الوفد على أهالي الأنبار.
من جهته، أعلن الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، المرشح السابق للانتخابات: «الأهم بالنسبة لنا هو من يقاتل على الأرض، وليس من هو خارج نطاق المحافظة، مع كامل احترامنا للجهود التي تبذل من أجل إنقاذ المحافظة، غير أن مسألة كهذه يفترض أن يؤخذ رأي أهل الأرض فيها، وبالتنسيق معهم ومع الحكومة المحلية، وهو ما لم نعلمه حتى الآن.. وإن عملية تسليح العشائر مسألة في غاية الأهمية، لكن ما نخشاه هو أن يكون هذا التسابق في الذهاب إلى أميركا لغايات وحسابات أخرى، وهو ما يضر مصلحة أهالي الأنبار الذين دفعوا ثمناً باهظاً خلال السنوات الماضية».
وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظ الأنبار، عبود العيساوي، أن مسألة تسليح العشائر «أمر مهم جداً، فالعشائر هي التي تمسك الأرض وتدعم القوات الأمنية... إن تسليح العشائر من قبل أميركا أو أي دولة أخرى يعتبر خرقاً للسيادة، ويساعد على خلق مشكلات داخل النسيج العشائري»، محذراً من «جر البلاد إلى مرحلة تشكيل فصائل مسلحة والتصادم مع المحافظات الأخرى»، مشدداً على ضرورة دعم العشائر بالسلاح من خلال الدولة «وفق آليات يتم من خلالها ضمان عدم استخدام هذا السلاح ضد الحكومة من قبل المتسلقين على العشائر، وإرجاعه بعد تحسن الأوضاع الأمنية وسيطرة القوات الأمنية على المناطق المستهدفة من قبل داعش».
إن تحرير ديالى في العراق وكوباني في سورية بإرادة السوريين والعراقيين قد رفع من موجة الخطاب الوطني الجامع للقوى المجتمعية المتمسكة بالوحدة الوطنية، وعزل أصحاب الخطاب التفتيتي التابع لأمريكا التي فضحت نفسها بنفسها عندما أعلنت أن كل ضرباتها الجوية «لم تساعد على تحرير سوى 1% من الأراضي التي تحتلها داعش».
* منسق التيار اليساري الوطني العراقي