نائب فرنسي: «الاعتراف بدولة فلسطين مصلحة إسرائيلية»
شهدت مدينة غرونوبل الفرنسية في الـ ٢٢ من الشهر الحالي فعالية تضامنية مع الشعب الفلسطيني، قدَّم خلالها النائب الفرنسي عن «الحزب الاشتراكي» الحاكم، ميشيل ايساندو، محاضرة شرح فيها حيثيات التصويت المرتقب في البرلمان الفرنسي على قرار الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧.
فرنسا – خاص قاسيون
أكد ايساندو أن الحزب يرى «الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني» تهديداً للوضع في الشرق الأوسط، مشيراً إلى التمادي «الاسرائيلي» في الحرب الأخيرة على غزة، دون أن يفوته التأكيد عدة مرات بأن حزبه يبحث «للحفاظ على التوازن والوقوف على مسافة واحدة من طرفي الصراع».
وأوضح بأن الهدف النهائي هو إحلال السلام عبر إقامة دولة فلسطينية تعيش بجانب «دولة إسرائيلية» آمنة، وتطبيع علاقاتهما بشكل نهائي. وشدد ايساندو على أن دولة فلسطينية، بالسياق والمواصفات التي سيصوت عليها في البرلمان الفرنسي، هو من مصلحة «إسرائيل» قبل كل شيء في منطقة تعيش اضطرابات كبرى.
بدوره، أكد الناشط المقدسي، جمال جمعة، من حملة «أوقفوا الجدار» في معرض مداخلته بأن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية مثيرة للريبة، تحديداً فيما يخص الحديث عن إبقاء المستوطنات وتبادل الأراضي، مؤكداً رفضه لهذا المبدأ الذي لن ينتج سوى دولة كانتونات. ولم يستبعد جمعة قيام انتفاضة ثالثة فـ «الشعب الفلسطيني لم يتبق لديه ما يخسره» على حد قوله.
يذكر بأن القاعة شهدت حالة من الاستياء العارم من المواقف التي أطلقها ايساندو، الأمر الذي انعكس بشتم البعض له ومغادرة القاعة، بالإضافة إلى حدة المداخلات التي أدانت موقف النائب بالوقوف مسافة متساوية من طرفي الصراع، كما ركزت على مسألة توقيت الاعتراف، إذ نوه أحد المداخلين بأن حملة الاعترافات تحركها دوافع سياسية لا إنسانية، إذ تأتي في سياق تصاعد الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية في كل أراضي فلسطين التاريخية، بما ينذر بانفجار كبير لن تستطيع السيطرة عليه لا السلطة ولا «إسرائيل»، بالإضافة لتقدم قوى المقاومة في المنطقة والتي حققت انتصارات متتالية خلال الـ١٥ سنة الأخيرة.
في حين أضاف آخر بأن الاعتراف يأتي في سياق التراجع المتسارع للهيمنة الأميركية في العالم، وتحول تركيزها لمنطقة آسيا، بالإضافة لتفجر الأوضاع في المنطقة ودخولها بمرحلة تحولات لا يستطيع أحد التكهن بمآلاتها النهائية وآثارها الأمنية الكبرى على «إسرائيل»، مشدداً على أن بعض الأوساط في الدول الغربية تسعى في هذا السياق إلى إعادة صياغة المشروع الاستعماري الصهيوني بطريقة تضمن بقاءه واستمرارية خدمته لمصالح داعميه، وذلك عبر تصفية القضية الفلسطينية بإقامة دولة لا تملك شيئاً من مقومات الدولة، مع إسقاط حق العودة عملياً، إذ ترى هذه الأوساط بأن عدم إقامة دولة فلسطينية يشكل نافذة لبعض القوى الإقليمية لعرقلة المشاريع الأميركية في المنطقة. كما شدد أحد المداخلين بأن الثوابت الفلسطينية، الدولة والعودة والقدس، تشكل باقة واحدة غير قابلة للتقسيم أو التقسيط.
من جانبه، اكتفى النائب برده على ما أسماه «حماسة» الجمهور بأن دولة على حدود الـ ١٩٦٧ هي الحل الوحيد، مؤكداً أن العودة لما قبل ١٩٤٨ هو أمر غير ممكن، مغادراً القاعة قبل نهاية النشاط، بسبب التزامه بمواعيد أخرى.
هذا، ويذكر بأن ايساندو هو رئيس جمعية «الصداقة الفرنسية- الفلسطينية»، في الوقت الذي كان يرأسها عن الطرف الفلسطيني، مروان البرغوثي. وقد تبيّن لاحقاً في المحاضرة التي قدمتها حملة دعم الأسرى الفلسطينيين بأن ايساندو كان من جملة النواب الفرنسيين الذين رفضوا دعم حملة إطلاق سراح الأسير والقائد الفلسطيني مروان البرغوثي.
من ناحيته، سيصوت البرلمان الفرنسي في الثاني من الشهر القادم على قرار من أجل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام ١٩٦٧ كحل نهائي لـ «الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي».
ويذكر بأن تصويت البرلمان الفرنسي المرتقب، يأتي في سياق خطوات متلاحقة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في عدة عواصم أوروبية معظمها رمزي حتى الآن. إذ يرى بعض المراقبين أن هذه الخطوات منسقة مع بعض الأوساط الأميركية، في وقت يتم الحديث عن تصاعد الخلاف بين رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الأمر الذي يعتبره مراقبون رأس جبل الجليد لصراع أعمق في واشنطن نتيجة تنامي تيار يرى ضرورة «ترشيد» الكيان الصهيوني.