نحو جبهة شعبية عراقية سورية!

نحو جبهة شعبية عراقية سورية!

كشف أردوغان عن أطماع حزبه الحاكم في مناطق عراقية وسورية، حينما عرض وفده المفاوض مع الأمريكان خارطة تقضم أراضي عراقية وسورية تحت مسمى «منطقة عازلة» تابعة للسيطرة العسكرية التركية. في مقابل التعامل الأمريكي الذي يستهدف لتوسيع دائرة الصراع لإطالة أمده، وعدم منح تركيا مكتسبات مبكرة.

يفسِّر ماكس هوفمان، الخبير بإحدى المؤسسات الفكرية الأمريكية، هذا التعامل بقوله: «إن سبب معاملة واشنطن للرئيس التركي أردوغان بـ«قفازات الأطفال»، أي بعناية تامة وحساسية مرهفة، على الرغم من مواقفه غير الديمقراطية والمعادية للغرب، هو القيمة الاستراتيجية التي تتمتع بها تركيا».
فالطموح التركي- القطري بمد أنابيب نقل الغاز القطري، عبر الأراضي السورية إلى الموانىء التركية ليصدر إلى أوربا، الذي سيشكل مصدر طاقة للصناعة التركية، ناهيكم عن تعزيز دور تركيا الإقليمي والدولي، خصوصاً لناحية تخفيض اعتماد أوربا على الغاز الروسي، يبين رغبة نظام أردوغان في الحفاظ على سيطرة «داعش» في الأراضي العراقية التي تشكل فاصلاً طبيعياً بين إيران وسورية، وربطها بالأراضي السورية التي تسيطر عليها «داعش»، ليقضي بذلك على طموح إيران في مد خطوط الأنابيب عبر الأراضي العراقية نحو سورية لاستخدام الموانئ السورية لتصدير الغاز.
وهنا، تلتقي مصالح تركيا وقطر مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية بمد خطوط أنابيب الغاز القطري إلى الموانئ التركية، عبر «أراضي الخلافة الداعشية». فأمريكا تعمل وما زالت تعمل بكل إمكاناتها وتحالفاتها لضرب الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على تصدير مصادر الطاقة، وخاصة الغاز، إلى أوربا. ناهيكم حرمان الصين من الحصول على الغاز الإيراني.
إن اشتراط تركيا حصولها على «المنطقة العازلة والحظر الجوي» للدخول في «التحالف الدولي»  يعبر عن أطماعها في الأراضي السورية والعراقية التي تخطط لقضمها كجزء من حصتها، في إطار المخطط الأمريكي الهادف إلى إعادة رسم خارطة المنطقة عبر تفتيت الدول القائمة، وإقامة الإمارات الطائفية – الإثنية المتناحرة تحت رايات ظلامية سوداء، والقضاء على حلم شعوب المنطقة التواقة إلى التكامل الاقتصادي- الاجتماعي والسياسي المفضي إلى حياة الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، هذا الحلم المعمد بدماء ملايين الشهداء الذين سقطوا تحت رايات الكفاح الطبقي والوطني التحرري على مدى قرن من الزمن، والذي توج بمعركته التاريخية الحاسمة بانفجار الثورات الشعبية العربية التي أطاحت بالحكام أتباع وعملاء الإمبريالية الأمريكية.
خلاصة القول،إذا كانت جبهة العدو الإمبريالي والإقليمي والمحلي موحدة، أي، الإمبريالية العالمية وعلى رأسها عدو الشعوب الأول أمريكا، ودويلتها الصهيونية اللقيطة، يليها تركيا أردوغان وخدمها آل سعود وآل حمد، وقوى العمالة والخيانة والفساد المحلية، فمن الطبيعي أن تتوحد الجبهة المتصدية للمخطط الاستعماري التدميري هذا، والتي تشكل شعوب المنطقة والدول المناهضة للإمبريالية الأمريكية نواتها الأساسية.
وعليه، يجب السير نحو نواة وطنية شعبية عراقية- سورية متحررة من قوى القمع والفساد والمليشيات الطائفية والاثنية المتاجرة باسم الدين والقومية، فالمقاومة الوحيدة المؤهلة للنصر، هي الجبهة الشعبية التحررية المكافحة من أجل حماية الأوطان ودحر العدوان، وتحقيق أحلام الطبقات الكادحة في الحياة الحرة الكريمة. وتمثل خطوة تشكيل حكومة دفاع وطني في كل من البلدين الشقيقين، مهمة لا تقبل التراخي أو المناورات السياسية ضيقة الأفق.
وبقدر تكامل الجهد الكفاحي بين الشعبين الشقيقين العراقي والسوري، والتنسيق الميداني بين الدولتين بتشكيل مجلس حرب مشترك على قدر حجم المعركة التاريخية، سيتعزز موقف الدول الحليفة والصديقة الداعم لقضيتنا العادلة في الدفاع عن العراق وسورية، وحقهما في التكامل الشامل، اقتصادياً- اجتماعياً وسياسياً.