د.ماهر الطاهر لـ«قاسيون»: «الكفاح المسلح هو الطريق الأساسي من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض»

د.ماهر الطاهر لـ«قاسيون»: «الكفاح المسلح هو الطريق الأساسي من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض»

أجرت صحيفة قاسيون لقاءً صحفياً مطولاً مع الرفيق ماهر الطاهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعضو الوفد المفاوض في القاهرة مؤخراً، تناول آخر مستجدات المشهد الفلسطيني، بجوانبه الصامدة والمقاومة والمفاوضة.

 ما أن تم الإعلان عن تثبيت الهدنة المعقودة في غزة مع العدو الصهيوني بفضل صمود الشعب الفلسطيني وضربات المقاومة حتى بدأت تظهر على السطح وحتى للتداول الإعلامي خلافات الفصائل الفلسطينية بما يهدد التثمير السياسي للانتصار الفلسطيني في غزة.. إلى ماذا تعزو ذلك وما هي الآفاق والمخارج؟ 

أولاً أود أن أوجه تحية لشعبنا الفلسطيني الصامد على أرض قطاع غزة في الداخل وعلى أرض الضفة والقدس وفي الأراضي المحتلة عام 1948، وأقول بأن هذه المعركة والملحمة التاريخية التي سطرها أبناء شعبنا في القطاع قد شكلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني- الصهوني، والعربي- الصهيوني، لأن الشعب الفلسطيني وجه رسالة للعالم بأنه لا يمكن أن يستسلم ولا يمكن أن يتخلى عن حقوقه الوطنية، وأنه عندما يخير الشعب الفلسطيني بين الاستسلام  والشهادة فإنه يختار الشهادة. 

دفع شعبنا ثمناً باهظاً من دماء أبنائه الصامدين، فدُمرت البيوت والمشافي، وهناك الآلاف من الشهداء والجرحى، وأبيدت عائلات بأكملها ولكن خيار الشعب ظل واضحاً: إما النصر والحرية والاستقلال أو الشهادة. هذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني وصل إلى قناعة أن مسار المفاوضات والتسويات والرهان على الولايات المتحدة كوسيط فيما يسمى بـ«عملية السلام» الزائفة والمخادعة انتهى، ووصل شعبنا إلى قناعة أن لا سبيل لاستعادة الحقوق إلا المقاومة فهي الخيار الاستراتيجي، ولم يعد لديه أي قناعة بإمكانية التوصل لحلول سياسية مع هذا الكيان الغاصب الذي يريد السيطرة على كل شيء. فتحية لهذا الشعب الفلسطيني العظيم وتحية للمقاومة الباسلة وسنبقى أوفياء لدماء الشهداء ولكل التضحيات التي قدمها شعبنا.

لاشك أن المعركة خيضت على الأرض وفي الميدان في قطاع غزة وعلى مدى 51 يوماً بوحدة ميدانية بين الفصائل ووحدة حقيقية على الأرض في مواجهة العدوان وأيضاً عندما تمت المفاوضات غير المباشرة عبر الوفد الفلسطيني الموحد تحت خيمة منظمة التحرير الفلسطينية فتم خوض المعركة السياسية كامتداد للمعركة العسكرية، حيث خيضت المعركة السياسية بشكل موحد وكان هناك محاولات جادة من قبل الكيان الصهيوني لتحقيق مكاسب سياسية لتعويض ماعجزوا عن تحقيقه عسكرياً، وكانوا يحاولون الإجهاض السياسي لنتائج الصمود الميداني والعسكري، ولكن الوفد الفلسطيني الموحد كان يعي حقيقة ما تريده «إسرائيل» وبالتالي تم خوض المفاوضات بشكل موحد من البداية إلى النهاية... 

نحن نقول إن هذه التجربة وهذا الصمود الأسطوري على الأرض وهذا الأداء السياسي الموحد يجب أن يعقبه تعميق للوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء أبدي للانقسام وما ولده من خسائر وتداعيات سلبية على الساحة الفلسطينية، وتفاءلت جماهير شعبنا من خلال العمليات البطولية والسياسية أن ذلك سيفتح الطريق نحو تعميق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام في مواجهة التحديات الكبرى التي تحيط بالقضية الفلسطينية.

 لكن مع الأسف وبعد وقف إطلاق النار وجدنا أن هناك بوادر لعودة الخلافات داخل الساحة الفلسطينية. نحن نقول للجميع بأن التحديات كبيرة وخطيرة والتحديات القائمة بعد العدوان على غزة خطيرة وكبيرة سياسياً وعسكرياً، وبالتالي يبنغي أن نعمل بشكل جدي وفاءً لأرواح الشهداء ووفاء للتضحيات من أجل المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وأن نعمل على تعميق الوحدة الوطنية الفلسطينية ونبذ الخلافات الجانبية وأن نستمر بالعمل بشكل موحد في مواجهة التحديات. وهذا يتطلب بشكل أساسي دعوة لاجتماع «لجنة منظمة التحرير الفلسطينية» التي تضم الأمناء العامين للفصائل وأعضاء «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير» و«رئيس المجلس الوطني» وشخصيات مستقلة تضم الجميع بما فيها ذلك حركتا حماس والجهاد من أجل أن يتم متابعة الشأن الفلسطيني بشكل موحد عبر هذا الإطار السياسي الشامل... 

بحكم كونكم عضواً في الوفد الفلسطيني المفاوض بشكل غير مباشر، كيف أديرت هذه المفاوضات، وكيف كانت درجة التنسيق بين الفصائل، وهل أنتم راضون عن النتائج الأولية لهذه المفاوضات؟

الوفد الفلسطيني الموحد كانت لديه رؤية لمجموعة المطالب التي تمثل حقوقاً طبيعية للشعب الفلسطيني وهي غير قابلة للنقاش، حيث لم يكن يجري النقاش عن القضايا الكبرى كإزالة الاستيطان والاحتلال، بل يتناول التفاوض حول إنهاء العدوان والحصار على غزة، فشعبنا في قطاع غزة لم يعد يحتمل استمرار هذا العدوان الجائر الذي استمر أكثر من سبع سنوات ونصف. 

هناك حقوق طبيعية للبشر يجب الحصول عليها بمعنى فتح المعابر وفك الحصار ودخول المواد التموينية ومواد لإعمار قطاع غزة الذي تعرض للدمار عدة مرات قبل هذا العدوان سابقاً في 2012 و2008 حيث يوجد داخله 1,700 مليون إنسان.

لم يعد الشعب الفلسطيني يحتمل هذا الوضع بأي شكل من الأشكال، وبالتالي كوفد فلسطيني قدمنا هذه المطالب والتي كانت تتلخص بـفتح المعابر، وحرية حركة البضائع والأفراد، وإدخال مواد الإغاثة ومواد إعادة الإعمار، والصيد البحري لـ12 ميل، وإلغاء المنطقة العازلة التي فرضها الاحتلال عندما شن العدوان على قطاع غزة حيث تم احتلال لمسافة 500م وفي هذه المنطقة يوجد مزارع وبيوت، وإعادة بناء الميناء والمطار الذي دمرته «إسرائيل»، وإلغاء الإجراءات التي اتخذتها «إسرائيل» في الضفة الغربية كون العدوان بدأ بالضفة، وإطلاق سراح المعتقلين الذين أُعيد اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم في صفقة «الأسير شاليط» حيث أعاد الاحتلال اعتقالهم وقام بحملة اعتقالات كبيرة أخرى، بالإضافة إلى تبادل الأسرى والجثامين. لكن كان من الواضح من خلال المفاوضات التي استمرت لأكثر من 20 يوماً أن «إسرائيل»  تناور وتخادع لتصل إلى هدفها الأساسي وهو نزع سلاح المقاومة وتدمير الأنفاق ومراقبة كل ما يدخل ويخرج لقطاع غزة. قدموا لنا لائحة بالمواد المسموحة والممنوعة، حيث منعت المواد ذات الاستخدام المزدوج، بالإضافة إلى تحديد عدد الأفراد القابل للدخول، ما يعني تحويل حياة الشعب الفلسطيني إلى جحيم. 

جوهر ما كانت تريده «إسرائيل» هو السلاح. الوفد الفلسطيني رفض ذلك وقال إننا لا نقبل مجرد طرح هذا الموضوع على طاولة البحث، لأننا كشعب فلسطيني طالما أننا تحت الاحتلال فمن حقنا مقاومته بكل الوسائل بما في ذلك العسكرية ورفضنا رفضاً قاطعاً مجرد الحديث عن نزع السلاح ووصلت «إسرائيل» إلى قناعة أن هذا الأمر غير قابل للبحث وبالتالي بدأ التفاوض حول المطالب التي تقدمنا بها عبر الوسيط المصري ودخلنا في ماراتون تفاوضي. بعد عشرين يوماً من المفاوضات قدمنا ورقة بشكل موحد كما كل الأوراق التي قدمناها، وآخر ورقة كانت قبل انتهاء التهدئة بـ3 ساعات، حيث أكدت هذه الورقة على فك الحصار وفتح المعابر وزيادة مسافة الصيد البحري وحرية حركة البضائع والأفراد ومواد إعادة الإعمار، وطلبنا تأجيل القضايا الأخرى إلى مفاوضات يمكن إجراؤها بعد شهر. قلنا إن هذا أدنى شيء لدينا ولا يمكن القبول بأقل من ذلك. سلمت الورقة للجانب «الإسرائيلي» ولكنهم انسحبوا بشكل مفاجئ قبل نهاية التهدئة بثلاث ساعات، وقاموا بقصف منزل قائد القسام «محمد الضيف» مستهدفين اغتياله، وخرقت التهدئة وقاموا بعمليات قصف، وكان من الواضح أن «إسرائيل» تناور ولا تريد المطالب المشروعة للفلسطينين لذلك عندما طرح موضوع تمديد التهدئة رفض الوفد الفلسطيني وانتهت المحادثات عند هذا الحد. 

الحصيلة النهائية هي التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، وفتح المعابر، وإدخال مواد غذائية وإعادة الإعمار، وزيادة مسافة الصيد البحري إلى 6 ميل، وتأجيل القضايا الأخرى كالميناء والمطار وتبادل الجثامين والإجراءات المتعلقة بالضفة الغربية والمنطقة العازلة على أساس أن تجري مفاوضات لاحقة. كانت «إسرائيل» تشترط أنه إذا أصرينا على إدخال هذه البنود في المفاوضات فستُدخل بند نزع سلاح المقاومة ولكننا رفضنا هذا المطلب. وبالتالي نستطيع القول إن هنالك مطالب تحققت وهناك مطالب أجلت مناقشتها لمراحل لاحقة. 

ماهي انعكاسات هذا النصر على الداخل القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني والوضع الإقليمي والدولي؟

لا شك أن معركة الصمود سيكون لها ما قبلها ومابعدها، وباعتقادي لقد تشكلت مرحلة جديدة في كفاح الشعب الفلسطيني لأنه وجهت رسالة للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني لم يعد ولا يمكن أن يقبل باستمرار بالوضع القائم، وجوهر ما نقوم به هو إزالة هذا الاحتلال الغاشم.

لقد خاضت السلطة الفلسطينية مفاوضات لأكثر من عشرين عاماً تحت الرعاية الأمريكية وكانت النتيجة هي زيادة الاستيطيان لأكثر من 7 مرات، وتم تهويد القدس، وخلق أوضاع جغرافية جديدة على الأرض. لقد وصل الشعب الفلسطيني إلى قناعة بأنه لا يوجد أفق للتسويات مع الاحتلال ومن هنا ينبغي إعادة الاعتبار للمقاومة وثقافتها كونها الطريق الرئيسي لأجل انتزاع الحقوق، لذلك اعتقد أن هذه المعركة سيكون لها تداعيات على المستوى الفلسطيني وعلى المستوى الإقليمي والدولي. وأثناء اللقاء مع الرئيس أبو مازن في القاهرة جرى حديث حول تشكيل وفد مفاوضات، وكان أبو مازن يقول إن «إسرائيل» إذا استمرت في هذا الوضع فنحن لدينا بدائل، فهناك تفكير فلسطيني عام بأنه لايمكن الاستمرار بنفس الوضع السابق. 

ومن هنا نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ندعو للقاء فلسطيني شامل يضم كافة الفصائل والقوى لتدارس الوضع الفلسطيني بكافة جوانبه وتقييم المرحلة السابقة ورسم استراتيجية عمل فلسطيني جديد. وأتصور أن هناك تداعيات كبيرة أيضاً لمعركة غزة على الوضع الداخلي في الكيان الصهيوني وأظن بأن هناك تناقضات ستبرز في المرحلة القادمة. لقد فوجئت «إسرائيل» بمدى صمود الشعب الفلسطيني ومدى القدرات التي أظهرها الجانب الفلسطيني رغم اختلال موازين القوى من ناحية الإمكانات العسكرية، فالعدو يملك كل أسحلة التدمير لكن الشعب الفلسطيني ومقاومته المسحلة ومن خلال الإمكانيات البسيطة تمكن من إيقاع خسائر كبيرة في صفوف العدو الذي اعترف بـ65 جندياً قتيلاً و1620 جريحاً وخسائر اقتصادية تقدر بالمليارات الدولارات، فـ«إسرائيل» تعيش حالة صدمة وهي تدرك أن الشعب الفلسطيني مستعد أن يقاتل إلى أن ينتزع حقوقه. 

تحدثوا خلال المفاوضات عن إمكانية تقديم مساعدات اقتصادية وتحقيق «رفاه اقتصادي» مقابل تسليم السلاح ورفضنا ذلك كون قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الحرية والاستقلال وإزالة الاحتلال، فهذا جوهر المعركة الدائرة وبالتالي معركة غزة يجب أن ترص الصفوف وتؤسس لاستراتيجية جديدة قادمة من أجل انتزاع كامل حقوقنا الوطنية وتحرير الأرض.

هل تشمل هذه الاستراتيجية الكفاحية كافة الأراضي الفلسطينية: الضفة والأراضي المحتلة عام 48 والتي قامت بحراك هام أثناء العداون وقبله؟       

من الطبيعي أن تشمل هذه الاستراتيجية كل فلسطين، فمن الصحيح أننا كشعب فلسطيني مبعثرون في حوالي 55 دولة، وفي مخيمات، بالإضافة إلى الضفة والقطاع والأراضي المحتلة عام 1948 وأوضاعنا صعبة ومعقدة، ولكن نحن شعب واحد واستراتيجيتنا واحدة، وبالتالي عندما نتحدث عن فلسطين نتحدث عن 11 مليون فلسطيني لهم قضية واحدة وهدف واحد ومن هنا نجد أن هذه الاستراتيجية يجب أن تطال كل الشعب الفلسطيني بأسره وفي مختلف أماكن تواجده. ولذلك نحن دائما في الجبهة الشعبية نركز على موضوع منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، فمنظمة التحرير ضاقت بعد توقيع اتفاق «أوسلو» لصالح السلطة  المتواجدة على الأراضي المحتلة عام 1967، وبالتالي نحن نقول أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الأساس وهي المرجعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره، ولابد أن نعمل بشكل جاد لإعادة الاعتبار للمنظمة ولدورها وبرنامجها. 

ظهرت للعلن مؤخراً خلافات بين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، رغم أن هذه الخلافات لم تظهر أثناء العدوان، كيف ستتعاملون مع هذه الخلافات؟!

نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نقول إن الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني الذي استمر لسنوات طويلة دفع ثمنه شعبنا غالياً واستفادت منه «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية إلى أبعد الحدود. وبالتالي معركة غزة والصمود فيها والتضحيات التي قُدمت يجب أن تشكل بداية مرحلة جديدة من أجل بناء وحدة وطنية فلسطينية حقيقية ونحن نأسف لعودة هذه الخلافات بين حركتي فتح وحماس. هناك رؤية محددة اتفقنا عليها في اتفاق المصالحة والوحدة الوطنية في القاهرة أنه فيما يتعلق بالرؤية السياسية لدينا «وثيقة الوفاق الوطني» التي قدمها إخوتنا الأسرى في سجون الاحتلال، وهي تتحدث عن برنامج سياسي موحد للساحة الفلسطينية، ووقعنا على اتفاق القاهرة الذي يتضمن الموافقة على وثيقة الوفاق الوطني. 

إذاً فلتكن هذه الوثيقة هي المعيار والأساس الذي نعمل عليه في مرحل القادمة ونبني الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس هذه الوثيقة. 

الواقع يفرض على الجميع تبني خط المقاومة فما مصير «مؤسسة أوسلو» ومفرزاتها؟

اعتقد أن مسيرة الأحداث خلال العشرين سنة الماضية قد قالت كلمتها، حيث تبين أن طريق المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة قد وصل إلى طريق مسدود، وكل شعبنا لم يعد يقنع بهذا المسار الذي اتضح أن نتائجه هو المزيد من الاستيطان، وتهويد الأرض، لذلك لابد من مسار فلسطيني جديد. حتى أوسلو فـ«إسرائيل» هي من رفضت تنفيذه وتم تجاوزه منذ زمن بعيد، فوفق ذلك الاتفاق فإن المرحلة الانتقالية يجب أن تنتهي في عام 1999، ونحن الآن في عام 2014 وعلى الأرض تريد «إسرائيل» أن تفرض كلمتها وهذا يجب أن نعيه فلسطينياً. 

أبرزت المعركة الدور الكبير للأجنحة العسكرية للفصائل، وكان من الواضح تطور دور «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى» الجناح العسكري للجبهة الشعبية. ماهي استراتيجيتكم في العمل العسكري وكيف تقيمون دوركم أثناء العدوان؟

تنطلق استراتيجية  ورؤية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من أنه لايمكن التعايش مع الاحتلال الصهيوني، وإن استراتيجيتنا هي تحرير كل فلسطين، ولذلك نحن على قناعة أن كافة أشكال النضال مهمة ولا نقلل من قيمة أي شكل من أشكال المقاومة كالنضال السياسي والإعلامي والمدني والجماهيري، ولكن يبقى موضوع الكفاح المسلح والمقاومة المسلحة هو الطريق الأساسي المرتبط بكافة أشكال النضال الوطني من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض لأننا أمام كيان مجرم يريد السيطرة على كل شيء ولن ينسحب من أرضنا أو بلادنا مالم يصل إلى قناعة أن استمرار احتلاله سيكون مكلف بشرياً واقتصادياً ودون وصولهم إلى هذه النتيجة لن ينسحبوا من هذه الأرض، وهذا ما أثبتته الأحداث. 

يجب إيصال «المجتمع» الصهيوني ومؤسسته العسكرية إلى أن استمرار الاحتلال سيكون باهظ الثمن، وهذه الرسالة التي أراد شعبنا في معركة غزة أيصالها بأنه «صحيح أنكم تستطيعون تدمير بيوتنا ومساجدنا وكنائسنا وتستطيع مخابراتكم أن تقتل النساء والأطفال والشيوخ وتستطيعون أن تقصفوا المدارس وأن لاتبقوا حجر على حجر لكنكم لاتستطيعون أن دمرو فينا إرادة القتال وإرادة المقاومة». لذلك نحن في الجبهة الشعبية على قناعة أن خيار المقاومة هو خيار استراتيجي يجب التمسك به.

لا شك أن الكتائب المسلحة للفصائل على الأرض والميدان أدت أداءً رائعاً وصمدت صموداً أسطورياً و«كتائب الشهيد أبو علي مصطفى» مع الكتائب الأخرى قامت بدورها بقتال العدو بالصواريخ وعمليات الاشتباك المباشر، وكان دور الرفاق في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى دوراً جيداً ومقدراً من كوادر وقيادات الجبهة الشعبية ومن قبل كل الشعب الفلسطيني وفصائله. وبهذه المناسبة أوجه تحية لكافة الفصائل العسكرية دون استثناء لأن الجميع أدى واجبه ضمن إمكانياته وقدراته وبالتالي كانت هذه اللوحة لوحة الصمود الرائع التي يعتز بها شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وأحرار العالم.