اليمن: المبادرات (الالتفافية) جزء من الماضي!

اليمن: المبادرات (الالتفافية) جزء من الماضي!

بعد انفجار الأزمة في اليمن «2012» ، تعود الحركة الجماهيرية إلى اليمن في ثاني موجات الحراك الشعبي السلمي، إثر إقرار الحكومة اليمنية رفع سعر المحروقات «100%» أواخر الشهر الفائت.

عشرات القتلى في شوارع صنعاء، عقب محاولة المحتجين اقتحام مقر الحكومة، أثارت مخاوف جدية من انزلاق البلاد إلى دوامة العنف، قابلها الرئيس اليمني بمبادرة تضمنت «التراجع عن رفع أسعار المحروقات تدريجياً وحل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية». 

مبادرات متعثرة

قابل الحوثيون المبادرة بالرفض المطلق، معتبرين إياها التفافاً على مصالح الشعب، تلتها مبادرة شيوخ عشائر يمنية اقترحت «تخفيض «1000» ريال من أسعار المشتقات النفطية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تخضع بكاملها لتوافق التيارات السياسية اليمنية، كما تقضي برفع مخيمات الاعتصام من محيط صنعاء في حال الشروع في تنفيذ بنودها»، وافق على هذه المبادرة حركة «أنصار الله» ولكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رفضها، لتبقى المبادرات في إطار خارج عن طاعة الشارع اليمني الذي رفع شعارات تطالب بإعادة جزء من حقوقه المنهوبة أولها التراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات كاستكمال للحراك السلمي الضاغط على حكومة «صندوق النقد الدولي»، وذلك بعيداً نسبياً عن التبني المجتزأ من قوى الحراك الجنوبي والحوثيين لتلك المطالب.

الخليج في قلب الأزمة!

عبر وزير الخارجية السعودي «سعود الفيصل» عن «استياء» المملكة مما أسماه «عدوان» الحوثيين، كما أكد على أن أمن واستقرار ووحدة اليمن تمثل أهمية استراتيجية للمملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي»!

يرتبك السعوديون أمام تداعيات الأزمة المتفاقمة على المملكة، حيث أفضت التداعيات اليمنية إلى خلل الكبير في ترتيبات مجلس التعاون الخليجي والغرب للالتفاف على مطالب الثورة اليمينة، فعاد التوتر العميق ليضغط على دول الخليج أصحاب "مبادرة الحوار الوطني" وصياغة التشكيلة الحكومية الحالية. تبقى نظرة دول الخليج والسعودية تحديداً قاصرة عن تحقيق الهيمنة وتأمين مخارج للأزمة اليمنية وفق المصالح الأمريكية السعودية، مايعني بالتالي أزمات سعودية محتملة لاحقاً، خاصة في ظل خروج الحالة اليمنية عن منطق الخضوع للتوازنات الإقليمية، بعد موجة الحراك الشعبي المستمرة حتى اليوم والمعبرة في جوهرها عن فقدان التيارات السياسية اليمنية وحلفائها الإقليميين القدرة على لجم الأوضاع المتدهورة، دون المرور عبر بوابتها.

على اختلاف وجهة الحل المحتملة لاحقاً، والمرجح أن تكون محاولة التفافية بدعم اقتصادي واسع من دول "مجلس التعاون الخليجي" لحكومة توافقية قادمة تشارك فيها قوى المعارضة في إطار المحاصصة المستمرة على ثروات البلاد، كأحد أكثر الحلول الجزئية إسعافيةً في ظل غياب الحلول الجذرية التي تنظمها فقط مصالح الشعب اليمني، المرهون بتنظيم صفوفه وإنتاج بناه السياسية القادرة على وضع برنامج متكامل، يقود اليمنيين إلى التغيير المُعبُّر عنه اليوم في ميادين الاحتجاج.