لعنة العنف تفتك بوحدة الدولة اليمنية
دخل الجيش اليمني على خط الصراع الجاري في البلاد، منذ أن وعدت الحكومة بتطهير البلاد من تنظيم «القاعدة» في 16 الشهر الجاري، على لسان الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإعلانه خوض الحكومة حرباً مفتوحة على الإرهاب، بدأت بعدة عمليات عسكرية طالت مواقع للتنظيم جنوب اليمن، وإحباط عمليات له استهدفت العاصمة صنعاء.
تزامن هذا الإعلان مع توقف الحوار الوطني في اليمن، إثر انسحاب ممثلي حراك الجنوب من جلسات مؤتمر الحوار الوطني، بعد أن أقر المؤتمر تقسيم اليمن إلى دولة اتحادية ستة أقاليم أربعة منها شمالية واثنان جنوبيان كحل توافقي لإنهاء الأزمة، لتبدأ القوات الانفصالية الحوثية عملياتها العسكرية في الشمال.
استغلال الإرهاب لتسويف المطالب المحقة
يأتي هذا التصعيد من الأطراف المتشددة (الحكومية والانفصالية و«القاعدة») بهدف تغيير موازين القوى على الأرض، وبالتالي السيطرة على القرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.
أضافت التحولات الجديدة المزيد من التعقيد على الحالة اليمنية، حيث يجري من طرف الحكومة محاولة الالتفاف على الحراك الشعبي في اليمن، عبر الاقتصار على فتح جبهة الحرب على «الإرهاب»، واستغلال تواجد «القاعدة» في اليمن، والذي سمح النظام السابق بتواجده على أرض اليمن سابقاً، برعاية دول الخليج العربي، تحت مسميات «الجهاد والإسلام السياسي»، تلبية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، هذا من جهة، وضرب الانفصاليين من خلال التصعيد الطائفي، وشرعنة مواجهتهم عسكرياً بعد إعطائهم فرصة التمرد العسكري الذي بدأ فعلياً، حيث شنت حركة التمرد الحوثية عدة هجمات على الجيش اليمني في عدة مدن، أهمها مدينة عمران شمال العاصمة صنعاء أدت إلى مقتل حوالي 35 شخصاً من المدنيين والعسكريين الأربعاء21 الجاري، مستغلةً انشغال الجيش اليمني في معاركه ضد «القاعدة»، في محاولة الوصول إلى العاصمة.
العنف يفاقم تشوهات الحركة الشعبية
وبالتالي أُدخل اليمن إلى دوامة العنف، وبدأت دعوات التقسيم تلوح في الفضاء السياسي اليمني، فقد شهدت عدن في الأربعاء 21-5 مظاهرات حاشدة تطالب بالانفصال، حيث استجابت عدة مدن جنوبية لدعوة البيض والقيادي الجنوبي حسن باعوم، ورفعت أعلام ما قبل الوحدة وشعارات منددة بالوحدة مثل «لا تراجع عن قرار التحرير والانفصال»، ودعا البيض إلى «تفاوض ندي برعاية الجامعة العربية، والمجتمع الدولي للعودة إلى الوضع القانوني والجغرافي للدولتين قبل الثاني والعشرين من أيار 1990».
قد يؤدي استمرار التعقيد في الحالة اليمنية إلى تحويل الحراك الشعبي السلمي عن أهدافه المطلبية المشروعة التي تشكلت من عمق التردي الاقتصادي- الاجتماعي الحاصل في البلاد، والسير بالبلاد نحو المزيد من التفتيت الطائفي والقبلي، بالإضافة إلى إضعاف مكونات الدولة ومؤسساتها الذي لا يصب حتماً بمصلحة الشعب اليمني وحراكه.