الشيوعي العراقي: حول الخطاب الإصلاحي والهزيمة الانتخابية

الشيوعي العراقي: حول الخطاب الإصلاحي والهزيمة الانتخابية

جاءت مبادرة لجنة العمل اليساري العراقي المشترك، الهادفة لإقامة أوسع تحالف وطني ديمقراطي، في لحظة تاريخية حاسمة. إذ وصل نظام المحاصصة الفاسد إلى نقطة النهاية، وبدا عاجزاً عن الاستمرار في الحكم، كما تصاعد منسوب الاستياء الشعبي من الأوضاع الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية المزرية.

خطان يساري وإصلاحي عبرت الورقة السياسية، المقدمة للحوار بين لجنة العمل اليساري العراقي المشترك والتيار الديمقراطي وتجمع إرادة الأهالي، عن البرنامج الوطني التحرري الشامل، الذي يفتح خياراً بديلاً أمام المجتمع، ويحرره من نظام المحاصصة المشوه وليد الاحتلال، وينقذه من محاولة فلول النظام الفاشي، المتحالفة مع القوى الإرهابية، إعادة الدكتاتورية إلى السلطة.
توصلت الأطراف الثلاثة، وبعد حوار طويل ومعمق وصبور، إلى اتفاق على تشكيل «التحالف التقدمي العراقي»، وأقرت الورقة البرنامجية المتحررة من كل مفردات القاموس السياسي الأمريكي التفتيتي كالفيدرالية والليبرالية...إلخ. وتقرر بموجب الاتفاق أيضاً، اعتبار الانتخابات معركة مهمة من المعارك الجماهيرية التي ينبغي بحث مدى الفائدة من الاشتراك فيها، وآلية ذلك في ظل غياب قانون الأحزاب وإجرائها في ظل قانون انتخابي غير عادل.
تم الإعلان عن تشكيل «التحالف التقدمي العراقي»، ونشر في جريدة «الصباح الجديد»، غير أن جريدة «طريق الشعب» نشرت خبراً تفصيلياً، دون نشر البلاغ، مفاده: «إن التيار الديمقراطي يوسع من دائرة تحالفاته...إلخ »، تمسكاً بعقلية الاحتواء الموجه ضد القوى اليسارية والديمقراطية، مقابل السياسة الذيلية الثابتة في العلاقة مع القوى البرجوازية القومية والإسلامية.
عقدت إثر ذلك اجتماعات أزمة، تبين من خلالها أن الحزب الشيوعي العراقي قد تمسك بموقفه، القاضي بتحويل التحالف إلى تحالف انتخابي، وبتسمية «التحالف المدني الديمقراطي»، وبسقف برنامجي سياسي إصلاحي يتوهم إمكانية إصلاح نظام المحاصصة الطائفية الإثنية الفاسد. وهو ما يناقض القاعدة التي استند إليها الحوار، بل كانت شرط انطلاقته، القاضية بتبني خط سياسي وطني تحرري ينهي نظام المحاصصة، يقوده تحالف تقدمي ديمقراطي يشكل البديل الجذري أمام الشعب، لا تحالف يطرح شعارات عامة فضفاضة يعلنها حتى أقطاب النظام نفسه.
قررنا التمسك بموقفنا، واستبقينا الباب مفتوحاً لمعاودة الحوار لما بعد الانتخابات، التي جاءت بهزيمة مؤلمة للحزب الشيوعي وبرنامجه الإصلاحي، نتج عنها ردود فعل عاطفية تفتقد إلى التحليل الماركسي المعرفي. فتوزعت بين يائس يشتم «الشعب العراقي الجاهل»، ومنتصر على قاعدة عفى عليها الزمن «أثبتت الحياة صحة سياسة حزبنا»، وصوت متألم وواعٍ يطالب بالتحرر من سلاسل السياسة الإصلاحية، وإجراء تقييم شامل لها تفضي إلى إقامة تحالف يساري ببرنامج تغيير جذري، كما يدين كل المحاولات التبريرية.
فالحل في البديل اليساري نواة أوسع تحالف تقدمي ديمقراطي، معركته الأساسية على الأرض بين الجماهير الكادحة، وفي مقدمتها عمال النفط، رافعة الكفاح الطبقي والوطني وأداته الفعالة.

صباح الموسوي : منسق التيار اليساري الوطني العراقي