معتز وشحة... بطل من هذا الزمن

معتز وشحة... بطل من هذا الزمن

صبا ح الخميس الباكر 27 فباير / شباط ، صحا أهالي بلدة «بير زيت» القريبة من مدينة رام الله على أصوات المدرعات وسيارات الجنود المحملة بكل أدوات القتل وهي تدخل البلدة، لتطوق منزل عائلة «وشحة». بدأ جيش القتلة الصهيوني بتوجيه آلاف الطلقات وقذائف «الأنيرغا» نحو أبواب ونوافذ وجدران المنزل

كان الهدف «معتز وشحة» ابن الستة والعشرين ربيعاً. أحد الأبناء الذكور لعائلةٍ عاش أربعة من أبنائها سنوات طويلة في سجون الغزاة المحتلين. أما شقيقه الأكبر أحمد فقد أبعد إلى الخارج بعد سجنه لفترة طويلة. الشهيد معتز أسير محرر أمضى أربعة سنوات في معتقلات التعذيب الصهيونية. التهمة : عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي جناحها العسكري : كتائب الشهيد أبو علي مصطفى.

في بيان النعي الذي أصدرته الجبهة نقرأ  «سقط الشهيد معتز وشحة من قرية بيرزيت، أثناء خوضه معركة بطولية ضد القوات الخاصة الصهيونية التي حاصرت منزله منذ ساعات الصباح الأولى، حيث تعرض لإصابة ومن ثم طلبت قوات الاحتلال منه تسليم نفسه، فرفض قائلاً (لن أسلم نفسي لهؤلاء الأنذال) فاستمر الاشتباك قرابة عشر ساعات، قُصف المنزل خلاله بالقذائف والرشاشات الثقيلة، مما أدى إلى استشهاده وتناثر أشلائه وتدمير المنزل».
والشهيد كما تتحدث عنه الجبهة «مقاتل بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ نعومة أظفاره، واعتقل أكثر من مرة على أيدي قوات الاحتلال، وكان مطلوباً منذ أربع سنوات على خلفية تنفيذه سلسلة من العمليات البطولية التي استهدفت قوات الاحتلال في الضفة». وعاهدت الجبهة وجناحها العسكري دماء الشهداء «لن تذهب هدراً، وأنّ الرد قادم لا محالة، وستستمر بالمقاومة حتى دحر الاحتلال عن كامل التراب الوطني الفلسطيني».
في رواية أهل بلدته وأقاربه، تطابق مع ما حمله بيان الجبهة وما تناقلته وكالات الأنباء :
أمام أعين عائلته، قتلت قوات الغزو والاحتلال الشاب وشحة، بعد صموده أكثر من ثماني ساعات داخل منزله، الذي تهاوت لبناته شيئا فشيئا، وكان بالإمكان سماع صوت سقوط حجارته بفعل هدم الجرافات العسكرية من مسافة بعيدة.
مئات المواطنين انتشروا في شوارع البلدة، وعلى أسطح المنازل يرقبون ما يحدث، ظنا منهم أن معتز اعتقل، لتبدأ صور الجريمة بالظهور. صدر الشهيد تخترقه رصاصات الحقد التي فجرت جزءاً من رأسه، إنه إعدام مباشر كما يقول أقاربه. إحدى قريباته «بيسان وشحة» روت بعضاً مما حصل: «الجنود طوقوا المنطقة المحيطة بالمنزل، ولم يسمحوا لأحد بالاقتراب، لقد شاهدت جنود الاحتلال يعتدون بالضرب على شقيق الشهيد فادي، والشاب سامر القيسي، كبلتهما واحتجزتهما قوات الجيش وأدخلتهما في أحد الجيبات العسكرية، وأطلقت النار على شقيقه رامز وأصابته بقدمه، قبل أن يتم اعتقاله، لقد تعاملوا بهمجية كبيرة».
الجريمة الجديدة حلقة جديدة في سلسلة طويلة من عمليات التصفية الممنهجة التي تستهدف من خلالها قوات العدو المحتل تصفية المقاتلين في ظل سياسة التنسيق «الولاء الأمني» الذي تلتزم به سلطة المقاطعة. وقد عبَرت الجبهة الشعبية من خلال بيانها على خطورة وكارثية هذه السياسة التي تتبعها قيادة السلطة. إن الجبهة تطالب بـ «وقف التنسيق الأمني المدمر والمرفوض بكافة أشكاله». والسؤال الذي يفرضه نهج المقاومة المسلحة المتناقض مع نهج «المفاوضات حياة» : إلى متى يستطيع دعاة «التنسيق السياسي» مع سلطة المقاطعة المنخرطة في الولاء الأمني لقوات الغزو والاحتلال الصمت عن من يقوم بتسهيل حملات الإعدام لمقاتليهم والمطاردة المزدوجة لمناضليهم؟