مؤتمر لندن للجوع: إطعام العالم أم إطعام الشركات!
بلغت تكلفة تذكرة حضور «مؤتمر إطعام العالم» المنعقد في لندن 695 يورو! وهذه التكلفة تعتبر طريقة مؤكدة لاستبعاد صغار المزارعين وأسرهم الذين ينتجون 70% من الغذاء في العالم
ترجمة : جيهان الذياب
تضمّن مؤتمر الغذاء العالمي 2014 في لندن لقاءً جمع الرئيس التنفيذي لشركة «مونسانتو» سيئة السمعة مع ممثلي الأمم المتحدة. هذا الحدث السنوي الذي يطرح سؤالاُ عما إذا كانت أزمة الجوع* الحالية في العالم ستتحول إلى كارثة فعلية في العام 2050، فمن المتوقع أن يصل تعداد سكان العالم إلى 9.6 مليار نسمة حينها.
سيحول رسم دخول المؤتمر – 700 يورو – دون إيصال صوت الملايين من صغار المزارعين حول العالم، حيث لن تتمكن إلا قلة قليلة منهم من تأمين هذا المبلغ للحضور فقط، دون ذكر التكاليف الأخرى. وبوجود المؤسسات والجمعيات «الخيرية» القادرة على دفع مبالغ أكبر، فإن النتيجة الحتمية هي أن هذا المؤتمر ليس مكاناً للذين يفتقرون لشرعية دخوله (رسم الدخول)، بل لمن يمتلكون القوة السياسية والاقتصادية لرسم معالم النظام الغذائي العالمي.
موجة جديدة من «الاستعمار الشركاتي»:
هل يمكن الوثوق بالشركات التي تحقق أرباحا هائلة كـ «مونسانتو» أو «نستله» لمعالجة أزمة الأمن الغذائي في الكوكب؟ ولماذا لا يتم تمثيل الملايين من منتجي الغذاء الصغار - والكثير منهم نساء - في مؤتمر كهذا؟
في السياق ذاته، تم عقد مؤتمر آخر لمناقشة القضية ذاتها في مقر عملاق الغذاء «شركة يونيليفر» في لندن الصيف الماضي كجزء من قمة دايفد كاميرون للجوع. وقد تَشارَك فيه كبار رجال الأعمال الطاولة مع قادة دول مجموعة الثمانية أصحاب الاقتصادات الرائدة، ليقرروا كيفية تقسيم الأسواق والأراضي والبذور الإفريقية بين بلدانهم وشركاتهم كـ«مونسانتو». هذا وقد شهد المؤتمر ذاته تجاهل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لنداء المجتمع المدني الإفريقي لإيقاف الموجة الاستعمارية الجديدة، وتجسد هذا التجاهل بمعونة مالية قدرها 395 مليون جنيه قدمتها المملكة المتحدة كمساعدات لدعم الشركات الكبرى العاملة في القارة.
في تشرين الثاني الماضي، حضر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتطوير ممثلون عن مجلس الأعمال العالي للتنمية المستدامة بحضور مئتي شركة من الشركات الكبرى كأعضاء، ومن بينهم «مونسانتو». في الوقت الذي قام المؤتمرون فيه بتحديد وتيرة النقاش حول الحاجة لاستثمارات القطاع الخاص في البلدان النامية، جرى تجاهل التساؤلات المتعلقة بالتدهور البيئي وتشريد مجتمعات بأكملها..
هوامش :
• غراسييلا روميرو: مدير البرامج الدولية المعروفة بـ «الحرب على العوز».
• أزمة الجوع: بلغ تعداد الجائعين في العالم 800 مليون إنسان وفق أرقام الأمم المتحدة.