دور المرجعيات الدينية الوطني.. وانخراطها في العمل السياسي
أعلن السيد مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي وإغلاق جميع مكاتب الشهيد الصدر وملحقاتها على كل الأصعدة الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها
ثم أعقب إعلانه هذا بخطاب مفصل اعترف فيه كتيار سياسي مشارك في العملية السياسية بأن: «العراق تحكمه ذئاب متعطشة... ثلة جاءت من خلف الحدود... الحكومة تكتم الأفواه وتقتل المعارض وتملأ السجون بكل من قاتل الاحتلال... حكومة متخمة قد نست من هم خلف الجدران المحصنة قد أعمت عيونها الأموال والقصور غافلة عن سجن اسمه العراق... كل من عارضهم اتهموه بالإرهاب ولاحقوه بالقضاء المسيس»!.
لكنه وإن انسحب شخصياً من السياسة والعملية السياسية دعا المواطنين إلى المشاركة الفعالة في الانتخابات وأنه سيصوت شخصياً بهدف إسقاط الفاسدين وأنه سيقف مع الجميع على مسافة واحدة، مما يعني سحب الغطاء الديني والسياسي عن كتلة الأحرار الصدرية.
إن موقف السيد مقتدى الصدر هو قرار وطني شجاع. فلم يجن الشعب العراقي من زج الدين في السياسة على مدى عقد من العملية السياسية الفاسدة، سوى الحرب الطائفية والخطف والتهجير وسرقة المال العام وإرهاب المجتمع باسم الدين. كما إنه قرار سيفرز بين تلك المرجعيات الدينية المصممة جنباً إلى جنب القوى العميلة للإمبريالية الأمريكية على تدمير العراق وتقسيمه وإبادة شعبه وبين المرجعيات التي تحترم إردة الشعب العراقي الذي يرفع شعار - الدين لله والوطن للجميع.
الدور المطلوب من المرجعيات الدينية
يتلخص الموقف المعلن في أدبيات التيار اليساري الوطني العراقي وعلى وسائل الإعلام، بالتالي:
إننا نحترم جميع المرجعيات الدينية باعتبارها مرجعيات لأديان وطوائف.. لا خوفاً من أحد ولا نفاقاً أو مجاملة، وإنما ضمن احترام حقوق الانسان وفي إطار احترام حرية المعتقد والتفكير. ونرى أن دور المرجعية الدينية هو النهوض بثلاثة واجبات هي:
الأول- تمثيل أتباعها دينياً وتوعيتهم بالقيم الإنسانية المشتركة لجميع الأديان السماوية والتصدي للفتن الدينية والطائفية و التصدي لأي تعد على الحريات الشخصية للمواطنيين، فلا إكراه في الدين.
الثاني - يتمثل بالحفاظ على الوطن والتصدي لأي غزو أو احتلال أو خطر خارجي يتعرض له. الثالث - التصدي «للحكم والحاكم» الظالم.
الدور السيئ لبعض المرجعيات
أما مرجعيتنا، نحن كحركة ثورية، ومع احترامنا لجميع المرجعيات الدينية، مرجعيتنا الوحيدة، كحركة ثورية، هي الشعب العراقي. وميزنا كيسار عراقي وطني بين المرجعيات الدينية الوطنية وتلك المتعاونة مع الحكام والدول الأجنبية ضد مصلحة الشعب.
قدّر اليسار العراقي للمرجعية الوطنية دورها الوطني وتصدى للمرجعية اللاوطنية دون هوادة كمرجعية محسن الحكيم، ودورها اللاوطني، إذ تواطأت مع القوى الفاشية والمخابرات الأمريكية، في المؤامرة ثورة 14 تموز 1958، في تدبير انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي الأسود، وقتل الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم وإخوته الشهداء الأبرار، والآلاف من الشيوعيين والوطنيين العراقيين. أفتت حينها مرجعية الحكيم سيئة الصيت بإبادة الشيوعيين، وكانت فتواه الأتعس في تحريم الصلاة على أرض «مغتصبة»، وهي قطعة الأرض الممنوحة للفلاح العراقي الفقير، بقانون الإصلاح الزراعي، وحاربت قانون الأحوال الشخصية ومن ثم تعاونت مباشرة مع الإمبريالية الأمريكية في احتلال العراق في 9 نيسان 2003 لإقامة نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفساد.
اليسار العراقي والمرجعيات
تصدى اليسار العراقي للنظام الفاشي في محاولاته إجبار اليسار على الإنضواء تحت «خيمة الثورة» القومجية، وسيتصدى لمحاولات القوى الإسلاموية لإجبار اليسار العراقي على الاستسلام للخيمة الإسلاموية، «بن لادنية» أم «حكيمية».
أدان التيار اليساري الوطني العراقي الموقف المتخادل لمن يدعي تمثيل الشيوعية، إزاء القوى الدينية واستنكر محاولات خونة اليسار، من المتخادمين مع المحتل الإمبريالي الصهيوني لبلادنا، في تبرير جرائم النظام الاحتلالي، فاليساري الحقيقي يؤمن إيماناً مطلقاً، بأن الدين لله والوطن للجميع.
اليوم، تأتي أهمية موقف السيد الصدر وفي التوقيت المطلوب لمصلحة الشعب، إذ تجري عملية احتجاجية شعبية، وليس أمام الجماهير الكادحة التي دعمت التيار الصدري من أجل تحقيق آمالها في الحياة الحرة الكريمة ورفع المظلومية عنها، بعد عقود من الظلم، ليس أمامها اليوم، سوى طريق الانخراط في الحراك الشعبي بهدف انتزاع هده الحقوق ومحاسبة الفاسدين عبر الانتفاضة الشعبية.
صباح الموسوي : منسق التيار اليساري الوطني العراقي