مشروع قانون الصناديق الاستثمارية... التنظيم والمخاطر في ظل اقتصاد هش

مشروع قانون الصناديق الاستثمارية... التنظيم والمخاطر في ظل اقتصاد هش

أعلنت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية عن مشروع قانون لتنظيم الصناديق الاستثمارية، وهو خطوة تهدف إلى تطوير السوق المالي وخلق أدوات استثمارية منظمة، إلا أن السؤال يبقى: هل يمكن أن تحقق هذه الصناديق الفائدة للمستثمر الصغير والاقتصاد الوطني، أم إنها قد تصبح أداة لصالح كبار المستثمرين على حساب الصغار في ظل الوضع الاقتصادي الهش في البلاد؟

الواقع الاقتصادي السوري والتحديات الكبيرة

الاقتصاد السوري ما زال يعاني من ركود حاد، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، إضافة إلى محدودية السيولة، والتضخم المرتفع، وتقلبات سعر الصرف.

والواقع يقول إن سوق دمشق للأوراق المالية محدود التداول، ما يجعل السيولة اللازمة للصناديق الاستثمارية ضعيفة، ويزيد من صعوبة تحقيق أرباح مضمونة للمستثمر الصغير.

مشروع القانون وأهدافه

يهدف القانون إلى:

  • تنظيم إنشاء وإدارة الصناديق الاستثمارية، سواء كانت مفتوحة أو مغلقة أو متخصصة (عقارية، نقدية، أسهم).
  • فرض رقابة الهيئة على الصناديق، بما في ذلك وجود مدقق حسابات مستقل ووديع لحفظ الأصول.
  • حماية المستثمرين عبر الإفصاح الدوري ونشر التقارير المالية.

إلا أنه رغم هذه الضوابط، يظل السؤال حول قدرة القانون على حماية المستثمر الصغير في بيئة اقتصادية غير مستقرة.

المخاطر والسلبيات للمستثمر الصغير

هناك بعض التجارب الدولية التي أظهرت الكثير من المخاطر، ومنها:

  • خسارة رأس المال وتقلبات الأسعار، كما شهدت الأزمة المالية العالمية 2008، حيث خسرت العديد من الاستثمارات المرتبطة بالرهن العقاري قيمتها، وكان المستثمر الصغير الأكثر تضرراً، بينما تمكن كبار المستثمرين من تقليل خسائرهم.
  • محدودية السيولة، ففي الصناديق المغلقة، قد يجد المستثمر الصغير صعوبة في استرداد أمواله، كما حدث في الأسواق الناشئة أثناء أزمات التدفق الرأسمالي في آسيا عام 1997.
  • تعرض الصغار لصراعات المصالح، فالمستثمر الكبير غالباً ما يمتلك القدرة على النفوذ واتخاذ القرارات لصالحه، بينما الصغار يعتمدون على الإفصاح الرسمي المتأخر.
  • ضعف الرقابة الفعلية، ففي بيئات ضعيفة المؤسسات، حتى وجود الهيئة الرقابية لا يمنع سوء الإدارة أو الفساد، كما شهدت روسيا في التسعينيات مع انهيار بعض الصناديق الحكومية.

المخاطر والسلبيات على الاقتصاد الوطني

يمكن تكثيف المخاطر بالنقاط الآتية:

  • تركيز الأموال بعيداً عن الإنتاج، فالصناديق قد تتحول إلى المضاربة في العقار أو الأدوات المالية، كما حدث في فقاعة الصناديق العقارية في اليابان خلال الثمانينات، بدلاً من دعم الصناعة والزراعة.
  • زيادة التفاوت بين المستثمرين، فكبار المستثمرين غالباً ما يستفيدون من المعلومات والفرص بشكل أفضل، بينما يظل الصغار معرضين للخسارة.
  • تأثير محدود على النمو، وخاصة في ظل ركود الاقتصاد، حيث تصبح الصناديق مجرد وسيلة لإعادة تدوير الأموال دون تعزيز التنمية الحقيقية أو خلق فرص عمل.

الخطوة التنظيمية والمسار الأمثل

مشروع قانون الصناديق الاستثمارية خطوة تنظيمية مهمة، لكنه ليس حلاً سحرياً للأزمة الاقتصادية.
فالمستثمر الصغير معرض لمخاطر الخسارة أو قلة السيولة.
والمستثمر الكبير يمكن أن يستفيد من الفرص والمعلومات لصالحه.
والاقتصاد الوطني قد لا يستفيد بشكل ملموس إذا لم تتجه الاستثمارات إلى القطاعات الإنتاجية.

أما المسار الأمثل فيمكن تلخيصه بوجوب أن ترافق الصناديق إجراءات رسمية ضرورية، مثل:

  • تشجيع حقيقي للاستثمار في القطاعات الإنتاجية بنسب ملزمة لدعم النمو ولتقليل المخاطر وتعظيم الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني.
  • إجراءات صارمة لتعزيز وتكريس الشفافية والإفصاحات الدورية.
  • وضوح بآليات الرقابة على إدارة الصناديق والجدية بالمحاسبة.
  • ضمانات حقيقية لحماية المستثمر الصغير من استغلال المستثمرين الكبار.

يبقى أن نشير إلى أن أحد أهم التحديات والمعيقات الموضوعية أمام صناديق الاستثمار لا تقف عند حدود استكمال القوننة والضوابط وغيرها، بل بأن البيئة الجاذبة للاستثمار ما زالت غائبة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1243