دمشق والأسواق... المواطن تحت حصار الأسعار وحيتان الأرباح!
دمشق، ككل المحافظات السورية، تعيش مأساة حقيقية على وقع جنون الأسعار. لم تعد الأزمة مقتصرة على السلع المدولرة أو المستوردة، بل شملت جميع المنتجات، من الغذاء اليومي إلى السلع الأساسية، مع زيادات سعرية تجاوزت 20% في كثير من الحالات، بينما فرق سعر الصرف في السوق الموازي لم يتعد 10%. فأي تبرير اقتصادي أصبح بلا أي مصداقية، والمواطن وحده يدفع الفاتورة.
السلطات لم تعد تكلف نفسها حتى عناء التفسير. فشعار «السوق الحر التنافسي» أصبح مجرد غطاء لحيتان الأرباح، الذين يضاعفون مكاسبهم بلا رقيب، بينما الغالبية المفقرة تكافح من أجل قوت يومها. وارتفاع أسعار المشتقات النفطية زاد الطين بلة، حيث ارتفعت تكاليف النقل والشحن، لتُضاف إلى كل سلعة وخدمة، في حين يُترك المواطن وحده لمواجهة هذا العبث الاقتصادي.
وما يحدث في دمشق ليس حالة معزولة، فكل المحافظات تعيش الفوضى ذاتها، والانحدار المستمر لمستوى المعيشة أصبح واقعاً يومياً، مع غياب أي رقابة فعلية أو إجراءات حماية للمواطن.
المواطن اليوم ليس مجرد ضحية، بل هدفاً مستمراً للاستغلال، بينما الحكومة تتفرج، متغلفة بشعار السوق الحر، الذي تحول إلى أداة لتغذية مصالح الأغنياء وحيتان الأرباح. فالأسواق منفلتة والأسعار متفلتة والاستغلال طاغٍ والرقابة نائمة والحكومة ساهية والدولة مغيبة.
لكن ما زال هناك أمل، وهناك مخرج يتمثل بسياسات اقتصادية إنتاجية حقيقية تحمي الليرة، المواطن، والاقتصاد الوطني. والحل لن يكون في التسويف أو الزيادات السعرية، بل في فرض ضوابط صارمة على الأسواق، وضمان بيئة اقتصادية تحمي القدرة الشرائية، وتشجع الإنتاج المحلي، وتكسر دائرة الاستغلال المستمرة.
أما الأفق الأوسع للحل فيكمن في الحل السياسي عبر التوافق الوطني. فلا استقرار اقتصادي دون معالجة الأزمة السياسية المستمرة، التي تغذي الانهيار المالي والاجتماعي. فالإصلاحات الاقتصادية وحدها لن تكفي إذا لم تُرافقها خطوات سياسية شجاعة لتأمين حياة كريمة للمواطن.
واقع الحال يقول إن المواطن السوري لا يمكنه الاستمرار في دفع ثمن الفوضى والعبث اليومي. فالأسواق خارج السيطرة، والأسعار تلتهب وتنهش القدرة الشرائية، وحيتان الأرباح يبتسمون بلا رقيب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1243