الجامعة السورية الافتراضية... ضحية جديدة لأزمة التعليم العالي
فوجئ طلاب الجامعة الافتراضية السورية بقرار الجامعة الذي ينص على زيادة الرسوم على جميع برامجها، بما فيها المعاهد التقنية وبرامج الماجستير ودبلوم التأهيل التربوي.
وبالرغم من قرار المجلس بتخفيض الرسوم الجامعية إلى النصف في جامعتي حلب الحرة وإدلب خلال العام الحالي، ووعود الوزارة بأن الرسوم الجامعية ستكون شبه مجانية في كل الجامعات، وفق ما صرّح به مجلس التعليم العالي في 22 حزيران الماضي، على لسان وزير التعليم العالي د. مروان الحلبي– كما نقلت الإخبارية السورية– إلا أن قرار الزيادة المتعلق بالجامعة الافتراضية جاء معاكساً لوعود الحكومة.
ارتفاعٌ في التكلفة
ارتفع رسم المادة الدراسية في الجامعة الافتراضية السورية من 55,000 ليرة إلى 80,000 ليرة، بزيادة هائلة تصل إلى 45% في المعاهد التقنية وبرامج مثل تقانة المعلومات والحقوق، فيما ارتفعت رسوم برامج الدراسات العليا ودبلوم التأهيل التربوي من 80,000 إلى 100,000 ليرة، أما رسالة الماجستير فقفزت كلفتها من 700,000 إلى مليون ليرة!
تُعد الزيادة في تكلفة المواد الدراسية بمثابة نقطة تحول في مسار التعليم العالي؛ ففي ظل التدهور المعيشي وتراجع القدرة الشرائية، يتحول هذا الارتفاع إلى عبءٍ لا يطاق على كاهل الطَلبة، الذين يرون في الجامعة الافتراضية فرصة أخيرة لتحصيل علومهم، أو رديفاً لشهادات أخرى حصلوا عليها.
معاناة الطلاب
يشكّل هذا الارتفاع في التكاليف الدراسية عقبة مادية تهدد بإقصاء شريحة واسعة من الطلاب عن حقهم في التعليم. بينما لا يمثل هذا الإقصاء حرماناً فردياً، بل يُعَد خطوة أولى على طريق حصر التعليم العالي بفئة اجتماعية معيّنة قادرة على تحمل الأعباء المالية، وبالتالي تحويل التعليم إلى «امتياز».
ومن هذا المنطلق، كان على الحكومة التدخل بهدف حماية حق الطلاب في التعليم، وتخفيف الأعباء المادية لا زيادتها، لضمان تكافؤ الفرص التعليمية. كما عليها إعادة النظر في سياسات تحديد رسوم المواد الدراسية، والبحث عن آليات تمويل بعيداً عن جيوب الطلاب وأهاليهم، للحيلولة دون تدمير الحامل الأساسي للتنمية.
ذرائع لا تبرر التكلفة
يتصاعد الحديث عن «ارتفاع التكاليف» في ظل الانهيار الاقتصادي، إلا أن غياب التفاصيل حول طبيعة هذه التكاليف يحوّل الزيادة في الرسوم إلى ذريعة، وبالتالي تفقد مصداقيتها.
فما هي التكاليف التي ارتفعت؟
هل لها علاقة بالبنية التحتية الرقمية؟ أم هي لتغطية الزيادة في رواتب الكوادر التعليمية والإدارية؟ أم لها علاقة بشراء المستلزمات والتجهيزات؟
إن عدم توضيح هذه التفاصيل يثير شكوك الطلاب، فباتوا ينظرون إليها على أنها مجرد «ذريعة» لفرض رسوم إضافية، بدلاً عن تقديم تفسير منطقي للتحديات التي يواجهها قطاع التعليم العالي.
التغلب على الأزمة
إن إيضاح طبيعة هذه التكاليف وتأثيرها على العملية التعليمية واتسام القرارات بالشفافية ليس ترفاً، بحيث لا يبقى التناقض بين الحاجة إلى التعليم كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبين الأعباء المادية التي يفرضها الواقع المعيشي الصعب، مغذيّاً لأزمة التعليم العالي.
لذلك لا يمكن حلّ الصراع بين الظروف الاقتصادية وحاجة المجتمع للتعليم والتطور على حساب الطلاب ومستقبلهم، ولا بد من الانتقال نحو إيجاد حلول مبتكرة ومصادر تمويل مستدامة للجامعات، وتبنّي سياسات تضع حدّاً لاستنزاف موارد الطلبة دون المساس بجودة التعليم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1237