الدورة التكميلية لطلاب الشهادة الثانوية... قرار الإلغاء ومشروعية المطلب
في ظل واقع استثنائي تعيشه سورية منذ أواخر عام 2024 وحتى اليوم، تصاعدت الأصوات الطلابية المطالبة بإعادة الدورة التكميلية لطلاب الشهادة الثانوية العامة لعام 2025، التي أُلغيت رسمياً بقرار من وزارة التربية السورية.
فرغم التصريح الواضح الصادر عن الوزير، يرى الطلاب وأهاليهم أن الظرف العام للبلاد لا يسمح بتطبيق هذا القرار على دفعة هذا العام، معتبرين أن مطلبهم لا يحمل بعداً تربوياً فقط، بل يُمثل حاجة إنسانية عادلة في ظل ظروف قاسية أثّرت على العملية التعليمية برمّتها.
تصريح رسمي... لا دورة تكميلية هذا العام
بتاريخ 11 حزيران 2025، أعلن وزير التربية الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، خلال مقابلة مع قناة الإخبارية السورية الرسمية، أن الدورة التكميلية أُلغيت هذا العام بشكل نهائي، تنفيذاً لمرسوم سابق صدر في كانون الأول 2023، يقضي بإلغاء نظام الدورتين الامتحانيتين للشهادة الثانوية العامة، واعتماد دورة واحدة فقط اعتباراً من العام الدراسي 2024–2025.
وأوضح الوزير أن الوزارة ستعيد تقييم التجربة بعد انتهاء العام لتحديد ما إذا كان من المناسب إعادة الدورة التكميلية في السنوات المقبلة، لكن لا نية لإجرائها لهذا العام، مشيراً إلى أن الوضع التعليمي عاد إلى طبيعته، ولم تعد هناك حاجة لما سُمّي «الاستثناء التربوي» الذي كانت تفرضه ظروف مثل جائحة كورونا أو الزلزال الذي ضرب سورية عام 2023.
الطلاب يردّون... الواقع ليس طبيعياً والمطلب مشروع
في المقابل، لا يرى الطلاب أي مظهر من مظاهر «العودة إلى الاستقرار» الذي تستند إليه الوزارة. بل على العكس، يؤكدون أن العام الدراسي المنصرم تخللته ظروف غير مسبوقة، بدأت منذ أواخر عام 2024 مع التغيرات السياسية الكبيرة في البلاد، وعلى رأسها سقوط سلطة النظام البائد، وما تبعها من خلل إداري وأمني واضح، انعكس مباشرة على المدارس والطلاب.
ففي معظم المحافظات، أدى هذا الوضع إلى اضطراب واضح في العملية التعليمية، تمثل في غياب منتظم للكادر التدريسي، وإغلاق جزئي أو كلي لعدد من المدارس لفترات متقطعة. كما شهد الطلاب نقصاً حاداً في الوسائل التعليمية الأساسية، بما في ذلك الكهرباء، الإنترنت، وسائل التدفئة، الورق، وحتى المواصلات في بعض المناطق.
علاوة على ذلك، شهد الطلاب تراجعاً حاداً في الأمان النفسي والاجتماعي، وهو شرط أساسي لأي أداء علمي متزن. فقد جرت الامتحانات وسط أجواء متوترة، وتحت تأثير ضغط معيشي واقتصادي كبير، أجبر كثيراً من الطلاب على العمل خلال العام الدراسي لتأمين دخل لأسرهم أو نفقات دراستهم. وهذه ظروف، بحسب الطلاب، تنسف تماماً فكرة «العام الدراسي الطبيعي» التي تتذرع بها الوزارة.
الدورة التكميلية ليست رفاهيةً بل حقاً تعليمياً
لطالما اعتُبرت الدورة التكميلية متنفساً للطلاب في حالات الرسوب العرضي أو الرغبة في تحسين المعدلات. وفي ظل ما سبق من معيقات، فإن حجب هذه الفرصة عن دفعة 2025 يُعد إجراءً قاسياً وغير منصف، ولا سيما أن القرار طُبّق فجأة ودون مراعاة للمتغيرات الميدانية.
كما أن قرار الإلغاء لم يُرافقه أية إجراءات بديلة أو استثنائية تُراعي حالة المناطق المتضررة أو الطلاب الذين لم يحظوا بتعليم كافٍ خلال الفصل الدراسي الثاني. ولم تُقدّم الوزارة أية خطة دعم تربوية تعويضية، لا على مستوى الدروس، ولا على مستوى الدعم النفسي أو الاجتماعي.
هل من فرصة للمراجعة؟
في ظل حملات أطلقها طلاب وأهالٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتزايد الضغوط الإعلامية، بات واضحاً أن هناك مطالب شعبية واسعة تطالب باستثناء دفعة عام 2025 من قرار الإلغاء، باعتبار أن ظروفهم مختلفة كلياً عن الطلاب في الأعوام القادمة.
ويرى مراقبون أن الاستجابة لهذه المطالب لا تمثل تراجعاً إدارياً، بل تعكس مرونة تربوية ضرورية في بلد يعيش وضعاً انتقالياً هشاً، ويحتاج إلى إجراءات ترميم تربوي لا مزيدٍ من القرارات التي تُفاقم الإحباط واليأس بين جيل الشباب.
حق تربوي مشروع
إن قرار إلغاء الدورة التكميلية للعام الدراسي 2024–2025، وإن كان مبرراً إدارياً في سياق خطط إعادة هيكلة التعليم، إلا أنه يفتقد للعدالة حين يُطبّق على دفعة دراسية عاشت عاماً مضطرباً بكل المقاييس.
ومن هنا، فإن مطلب إعادة الدورة التكميلية لدفعة 2025 لا يمثل مطلباً عاطفياً، بل هو حقٌ تربوي مشروع، يستند إلى مبدأ تكافؤ الفرص، ويستحق أن يُدرس بجدية في أروقة وزارة التربية والحكومة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1236