شركات دولية خاصة للتأمين ضد الجفاف في سورية
فرح شرف فرح شرف

شركات دولية خاصة للتأمين ضد الجفاف في سورية

قال كبير مستشاري برنامج الأغذية العالمي لشؤون التمويل والتأمين ضد مخاطر الكوارث والمناخ، إن الوكالة حصلت على مدفوعات بقيمة 7,9 مليون دولار عن وثيقة تأمين ضد الجفاف في سورية، طُورت بالتعاون مع شركات «هاودن» و«هيسكوكس» البريطانيتين وشركة «سويس ري» ومقرها زيورخ، وذلك بحسب سانا بتاريخ 9 تموز 2025.

تهدف هذه الشراكة إلى تمويل المخاطر المناخية عبر آلية تأمين سريعة، تساعد من خلالها برنامج الأغذية العالمي على الاستجابة السريعة لموجات الجفاف، وتُقدم عبرها المدفوعات عند تحقق شروط مناخية محددة مسبقاً، وبالتالي فهي تنقل جزء من العبء المالي من الدول المتضررة إلى قطاع التأمين الخاص.

قيود وتحديات

قد تضمن هذه الآلية السرعة في صرف المدفوعات، ولكنها لا تعكس دائماً تعقيدات آثار الجفاف على المجتمعات المتضررة، مما يؤدي إلى فجوات في التغطية وعدم كفاية الدعم.

وبينما يُنظر إلى التعاون مع القطاع الخاص على أنه أمر لا مفرّ منه لتمويل آليات التعامل مع مخاطر كبرى، إلا أن هذه الشركات تعمل في نهاية المطاف ضمن منطق الربح، ما يثير تساؤلات حول توافق أهدافها مع المتطلبات الإنسانية والبيئية، ومدى قدرتها على التوسع لتشمل مناطق أوسع. بالإضافة إلى تحديات لها علاقة بالتفاوض على شروط وثيقة التأمين وتحديد الأسعار، ما يعيق قدرة الدولة والمجتمعات ذات الدخل المحدود على الاستفادة الفعلية من هذه الآليات أو التحكم بسياسة عملها.

مبلغ رمزي مقابل كارثة كبرى

بحسب بعض المصادر يوجه برنامج الأغذية مبلغ 7,9 ملايين دولار لدعم 120 ألف شخص في سورية فقط، من أصل 16 مليوناً– وفق بيانات الأمم المتحدة– معرضين لانعدام الأمن الغذائي نتيجة الحرب والجفاف، وبالنظر إلى الحجم الهائل من المتضررين، فإن مستوى الاستجابة لا يغطي سوى 0,75% من عدد المتضررين.

وفي ظل غياب دور الدولة كضامن أساسي للأمن الغذائي، أو حديثها عن سياسات زراعية مستدامة، وتطوير للبنى التحتية للمصادر المائية وحسن وترشيد استخدمها، ودعمها للمزارعين، وتوفير لشبكات الأمان الاجتماعي، يصبح المجال مفتوحاً أكثر أمام المنظمات الدولية وجهات خارجية لملء هذا الفراغ، وبهذا القدر المحدود والمقيد من المساعدة.

ومن شأن ذلك أن يعمق التبعية للجهات المانحة، ويحدّ من قدرة الدولة على فرض مشاريعها التنموية الخاصة، ما يؤدي إلى دورة مفرغة من الاعتماد على المساعدات الطارئة عوضاً عن بناء حلول هيكلية وجذرية.

حلول طارئة

إن التأمين ضد الجفاف عبر برنامج الأغذية العالمي وشركات التأمين الدولية، يظل حلاً جزئياً وآنيّاً لا يعالج جذور المشكلة. بل قد يساهم في تكريس الاعتماد على برامج المساعدات.

فبدلاً من استثمار الموارد في إعادة تأهيل الأراضي الزراعية، وتوفير مستلزمات الإنتاج، ودعم الفلاحين ليعيدوا بناء قدراتهم الإنتاجية، يتم اللجوء إلى «التأمين» كبديل عن التعامل المباشر مع الكارثة، خاصة في ظل حديث منظمة الأغذية والزراعة عن تضرر 75% من المساحات الزراعية، أي 2,5 مليون هكتار، حيث لا يمكن لمبلغ 7,9 ملايين دولار أن يعالج جذور الكارثة. يضاف إلى ذلك الحرائق التي التهمت غابات وأشجار الساحل السوري في الآونة الأخيرة ودمرت ما لا يقل عن 15,000 هكتار، إضافة إلى عشرات آلاف الهكتارات التي التهمتها الحرائق خلال السنين القريبة الماضية.

التحول من التلقي إلى الفعل

رغم أهمية وضرورة المساعدات العاجلة، إلا أن الاعتماد عليها كمصدر وحيد على المدى البعيد، سيقف عائقاً أمام بناء القدرات الذاتية. وسيحوّل الأراضي والعاملين بها من منتجين إلى مستهلكين للمساعدات، ومن فاعلين في تحديد مصيرهم إلى مجرد متلقين.

والحل لا يكمن في الاستفادة من المساعدات فحسب، بل في تغيير الوضع الاقتصادي والسياسي الذي يولّد الحاجة لهذه المساعدات أصلاً.

فعملية إحياء الإنتاج المحلي، ليس مجرد مسألة اقتصادية عابرة، بل هي مسألة تمس السيادة وكرامة المواطنين، وتحتاج إلى إرادة سياسية لكسر التبعية، وهي السبيل الوحيد لتفعيل خطط حقيقية لمكافحة الجفاف والتصحر، وبالتالي تحقيق أمن غذائي مستدام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1234