صمود الأرض والناس من درعا إلى نوى... حكايات المقاومة في وجه العدوان الصهيوني

صمود الأرض والناس من درعا إلى نوى... حكايات المقاومة في وجه العدوان الصهيوني

«من هنا بدأت القصة، وهنا أصبحت قريتنا الصغيرة مشهورة في العالم كله»، بهذه الكلمات يستذكر المزارع زاهر الملوحي من بلدة كويّا أولى لحظات المواجهة مع القوات الصهيونية، التي تجاوزت الخط الفاصل ودخلت عمق الأراضي السورية بعد هروب الأسد وسقوط الدولة.

بدأت الاعتداءات الإسرائيلية منذ كانون الثاني 2025، وبلغت ذروتها يوم 25 آذار، عندما توغّلت قوة عسكرية إسرائيلية 12 كم داخل الأراضي السورية واستقرت في الحقول الزراعية لبلدة كويّا.

حاول الأهالي الاحتجاج بشكل سلمي، لكن الردّ كان قصفاً بالمدفعية والطائرات المسيّرة، ما أدى إلى استشهاد ستة مزارعين مدنيين، بينهم جودت حسين السليمان، شقيق رئيس البلدية، وجرح عدد من المدنيين، بينهم السيدة إزة هاني التي فقدت قدمها.

قال رئيس البلدية أمجد السليمان:

“قتلوا أخي، وتركوا أولاده الخمسة يتامى وزوجته أرملة. كل الذين قُتلوا كانوا مزارعين، لا ينتمون لأي فصيل مسلح. نحن دعاة سلام، لكننا لن نصمت أمام هذا الظلم”.

منذ 8 كانون الأول 2024، ومع هروب بشار الأسد، بدأت القوات الإسرائيلية أكبر عملية عدوانية منذ عقود، باجتياح مناطق عدة، وخرق اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974. خلال 48 ساعة فقط، نفذت أكثر من 480 غارة جوية، وارتفع العدد لاحقاً إلى أكثر من 800 غارة حتى أيار 2025، خلفت عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

في مدينة درعا، كانت الضربة الأشد في 17 آذار، عشية الاحتفال بذكرى انطلاق الثورة، حين قصف الاحتلال منطقة تبعد أقل من 5 كم عن مركز الاحتفال، وبعد أن هبّ الأهالي لإنقاذ المصابين، نفذت طائرة غارة ثانية لتقتل ثلاثة مدنيين.

يقول عيسى الحريري:

“ذهبنا نحتفل بالحرية بعد 14 سنة، فاستقبلنا الموت. هذه الضربة سرقت فرحتنا الأولى منذ عقد ونصف”.

بعد أسبوعين، في 2 نيسان، توغلت قوة إسرائيلية حتى المنطقة الحراجية قرب سد الجبيلية، وحدثت أول مواجهة مسلحة بين أهالي نوى وقوات الاحتلال. تصدّى أكثر من 100 من أبناء البلدة للهجوم، ونجحت الطليعة في إجبار الجنود على التراجع، قبل أن تقصفهم المسيّرات.

استشهد تسعة شبان بينهم الشقيقان عبد الله وهاشم بطحه، اللذان عادَا من لبنان قبل شهر فقط. تقول والدتهما، أم عبد الله:

“هربت بهم من الحرب منذ 12 سنة، لكن الاحتلال قتلهم في 36 يوماً فقط من عودتهم. كانوا حياتي، وقلبي مات معهم”.

أسامة العودة لله، الناجي الوحيد من المجموعة، فقد ساقيه بسبب القصف والإهمال الطبي بعد إصابته. قال بأسى:
“ما قمت به واجب، لا يحتاج إذن أحد. الدفاع عن الأرض شرف. لكني لا أفهم لماذا يُعامل المقاوم بهذه القسوة من من يفترض أن يكرّموه؟”.

شقيقه محمد عبّر عن الغضب ذاته:

“أخي فقد قدميه دفاعاً عن وطنه، ومع ذلك لم يزره أحد، لم يسمع كلمة شكر، حتى العلاج تأخر وكاد أن يقتل بسبب الإهمال”.

رغم هذه المآسي، لم تنكسر عزيمة الأهالي. فكل من بقي على أرضه يؤمن أن المقاومة حق لا نقاش فيه.

يقول شدوان الطياسنة، الذي فقد أقرباءه الأربعة في معركة نوى:

“نحن أناس طيّبون، نحب الحياة، لكن إذا اعتدى أحد على أرضنا، سندافع عنها حتى النهاية. الاحتلال يجب أن يعرف أن لكل شبر في هذه الأرض من يحميه”.

ودّعتنا أم عبد الله بقولها:

“اليوم أحدثك عن ولديّ، وغداً سيحدثونك عنّي إذا عاد الاحتلال. سأكون في الصف الأول، لأن الحياة دونهم لا طعم لها».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1234