الازدحام يتفاقم والمعاناة تتزايد... المواطن وفوضى السرافيس وغياب الرقابة

الازدحام يتفاقم والمعاناة تتزايد... المواطن وفوضى السرافيس وغياب الرقابة

في وقت يُفترض فيه أن تكون وسائل النقل العامة إحدى ركائز راحة المواطن وتيسير أموره اليومية، عادت الفوضى والتسيب ليخّيما على مشهد خطوط المواصلات في العاصمة، متسببةً في ضغط يومي متواصل على الناس، وإرهاق جسدي ومادي لا يحتمل، دون أن تُسجَّل أي استجابة فعلية من الجهات الرسمية المعنية بضبط هذا القطاع.

غالبية السرافيس العاملة على الخطوط الطويلة– مثل الدوار الشمالي والجنوبي، ومزة كراجات– لم تعد تلتزم بالوصول إلى نهاية خطها. بل باتت تكتفي بقطع نصف المسافة فقط، لتعود أدراجها بشكلٍ متكرر بهدف تحقيق أرباح أكبر على حساب راحة المواطن، الذي يُضطر للنزول في منتصف الطريق وإكمال رحلته بأكثر من وسيلة نقل، ما يعني تعباً إضافياً وتكلفة مضاعفة.
أما الخطوط القصيرة، فحالها لا يقل سوءاً. فخط جرمانا– باب توما مثالٌ صارخ على غياب التوازن في توزيع السرافيس. قلة عدد الآليات العاملة على هذا الخط تجعل من التنقل فيه مهمة شبه مستحيلة في أوقات الذروة. فالركاب يتكدسون في المواقف، والانتظار قد يمتد إلى ساعات، دون أن تجد في الأفق أي بوادر لحل قريب.
المواطن اليوم لا يُعاني من ضعف الخدمة فقط، بل من غياب الرقابة الفعالة أيضاً.
أين هي دوائر النقل والمرور؟ وأين هي حماية المستهلك؟
وأين هو التخطيط الذي يُفترض أن يُراعي الحاجة الفعلية لتوزيع السرافيس حسب الكثافة السكانية والطلب؟
الكل غائب، أو في أحسن الأحوال، حضوره شكلي لا يُغيّر من الواقع شيئاً.
هذا الغياب الرسمي يُفسح المجال أمام نوعٍ خطِر من الاستغلال.
فالمواطن، الذي يكدّ من أجل قوت يومه، يجد نفسه مُجبراً على دفع أجور مضاعفة، أو ركوب وسائل نقل خاصة بأسعار باهظة، أو حتى السير على الأقدام لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس أو في برد الشتاء.
لا يمكن اعتبار ما يحدث مجرد قصور أو عجز مؤقت، بل هو إخلال مباشر بمسؤوليات الجهات المختصة، وتجاهل صارخ لحق المواطن في تنقل كريم وآمن ومنظم.
وإذا ما استمرت الجهات المعنية في هذا التجاهل، فإن الأوضاع مرشحة للمزيد من التدهور، والمواطن هو من يدفع الثمن في كل مرة.
إنّ المطالبة بحلول عاجلة وجذرية لم تعد ترفاً، بل أصبحت ضرورة ملحّة.
فإعادة تنظيم خطوط النقل، وزيادة أعداد السرافيس في الخطوط التي تحتاجها، وفرض الرقابة الصارمة على الالتزام الكامل بالخطوط، ليست سوى خطوات أولى نحو معالجة أزمة باتت تُرهق العاصمة بأكملها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1232