دير الزور... من تهميشٍ إلى تهميشٍ أكثر والقادم...؟
المنطقة الشرقية عموماً ودير الزور خصوصاً كانت مهمشة أيام الأنظمة المتعاقبة، تهميشاً متعمداً، وما زالت مهمشة أيام السلطة الحالية، اقتصادياً واجتماعياً وخدمياً وصحياً وتعليمياً، وحتى أمنياً.
لن نتحدث عن التهميش السابق فقسم منه صار معروفاً، لكن استمرار ذلك حالياً يثير تساؤلات كثيرة عن ذلك، ويثير غضباً كبيراً لدى الأهالي.
الزراعة بشقيها النباتي والحيواني
تكاد تكون الزراعة متوقفة، بسبب النقص الكبير في الطاقة لتشغيل محركات الري، وبسبب الدمار الكبير الذي تعرضت له أقنية الري وعدم الصيانة، وبسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي من بذار وسماد وأدوية مكافحة، ونقص في اليد العاملة بسب الهجرة القسرية سواء من الفقر والجوع أو من الحرب والقمع. كما خسرت نحو ثلثي ثروتها الحيوانية نفوقاً ونهباً وتهريباً، وبسبب عدم توفر الأعلاف وارتفاع تكاليفها، إضافة إلى الجفاف المتعاقب.
الخدمات المهترئة
الكهرباء: تعاني دير الزور من نقص كبير في الطاقة الكهربائية، وهي بحاجة إلى أضعاف المخصص لها بسبب اتساع مساحة الريف، وبسبب الظروف البيئية القاسية، وبسبب اهتراء الشبكة الكهربائية ومحولاتها أو نهبها العلني المستمر إلى الآن؟!
الماء: رغم أن دير الزور تقع على ضفاف نهر الفرات، إلاّ أنها كالعيس يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول، فبين الاهتراء للشبكة المائية والتدمير لبعض المحطات ونهب وسرقة محتوياتها المستمرة، وكثرة العواصف الترابية والحرارة العالية صيفاً التي تتطلب كميات أكبر من مياه الشرب والغسيل، أدى ذلك إلى انتشار الأمراض، وعودة ظهور بعضها التي تم القضاء عليها أو أصبحت نادرة. والأنكى أن النهر الذي هو ملجأ للأهالي أصبح مقراً للموت، حيث غرق منذ بداية الصيف 15 طفلاً وشاباً!
الصحة: تعاني دير الزور من نقصٍ كبير من الخدمات الصحية حيث خرجت غالبية المشافي في المدينة والمناطق والنواحي من الخدمة، وحالياً لا يوجد سوى مشفى واحد في المدينة، ويفتقد الأجهزة والمواد والأدوية الطبية والأطباء المختصين، بل حتى على مستوى الإسعافات الأولية فهو غير قادر على تلبيتها، وتمتلئ غالبية مشافي العاصمة دمشق العامة والخاصة بالمرضى من أبناء دير الزور، وما ينتج عن ذلك من تكاليف مرهقة تدفع المواطن إلى بيع كل شيء يملكه من أجل العلاج!
التعليم: بمستوياته المتعددة يكاد يكون صفراً للأسباب العامة والخاصة السابقة ونتيجة سياسات خصخصة التعليم والإهمال والتهميش المتعمد والمزمن، فنسبة الدمار العالية للمدارس، والنقص الكبير في الكوادر والمستلزمات التعليمية، فغالبية الأطفال خلال سنوات الحرب حرموا من التعليم، بالإضافة إلى بقية المراحل التعليمية بما فيها الجامعة، وبات أهالي دير الزور مضطرين للهجرة إلى الداخل لتعليم أولادهم ومهما حمّلهم من تكاليف مرهقة.
الخدمات الأخرى: يعاني أهالي دير الزور من الفقر وغلاء أسعار المواد الغذائية حيث غالبيتها تستجر من محافظات الداخل، وتعاني الطرقات والشوارع من الخراب، الداخلية أو بين المحافظات، ويترافق ذلك مع النقص والغلاء في أجور النقل، وجشع الشركات وأصحاب السيارات، بالإضافة إلى خطر الدراجات النارية التي يركبها المراهقون ويجولون فيها بسرعات عالية وحركات بهلوانية دون رادعٍ أو ضابط، إضافة إلى معاناة العاملين والمتقاعدين من تأخر صرف أجورهم، وعدم وجود صرافات آلية وقلة السيولة النقدية الكافية، فكيف وقد انضم لهم أبناء الحسكة والرقة في قبض رواتبهم من دير الزور، أما السكن والآجارات فحدث ولا حرج، بسبب الدمار الهائل للأحياء، وعودة المهجرين من المخيمات، فلا يوجد سوى حيّين مؤهلين هما الجورة والقصور المكتظان أصلاً، والمأساة الأكثر هي سوء نوعية الخبز وارتفاع سعره، وهو الغذاء الأساسي.
فقدان الأمن هو ثالثة الأثافي
لعل الخطر الأكبر والذي ينعكس على بقية جوانب الحياة هو فقدان الأمن والأمان، بسبب السلاح المنفلت، أو بسب عصابات السرقة للسيارات ومحلات الأدوات والذهب، حيث بات الأهالي غير قادرين على مغادرة بيوتهم بعد مغيب الشمس، ورغم الشكاوى اليومية للسلطات الحالية بنشر وتسيير دوريات ليلاً ونهاراً إلا أن عدم الاستجابة هو الغالب، حتى عند حدوث جريمة مباشرة. يضاف إلى ذلك الألغام الكثيرة المنتشرة في الأحياء المهدمة والبادية والريف والتي تودي بحياة الكثيرين.
هذه المعاناة كلها أصبحت حديث الأهالي وانتقادات علنية ومباشرة للحكومة الحالية، ولم تعد مجرد شكاوى ومطالب يطرحونها!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1229