G5 في سورية بين وعود المستقبل وواقع البنية التحتية المتعثّر
أعلنت شركة «سيريتل» بالتعاون مع شبكة «سورية المستقبل «(FSN) عن إطلاق تجربة تقنية الجيل الخامس (5G) لأول مرة في دمشق، ضمن فعاليات المؤتمر الإقليمي الأول للذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تبدو واعدة وتبعث على التفاؤل حيال دخول سورية عصر الاتصالات الحديثة، إلا أن التجربة تظل في نطاق الاستعراض الإعلامي أكثر مما هي خطوة عملية ذات تأثير مباشر على الواقع.
ففي الوقت الذي يشير فيه المسؤولون إلى أن هذه التقنية ستشكل قفزة نوعية في دعم التطبيقات الذكية وتسهيل نقل البيانات، يعاني معظم السوريين حتى اللحظة من ضعف في شبكات الجيل الرابع (4G)، التي لم تتمكن الشركة من تقديمها بكفاءة مقبولة.
وقد اشتكى الكثير من المستخدمين من تراجع جودة الاتصال، وانخفاض السرعات، وارتفاع التكلفة دون مقابل فعلي في الأداء، ما يشير إلى فجوة واضحة بين الإعلان الرسمي والواقع اليومي.
تجربة الجيل الخامس تحتاج إلى بنية تحتية متطورة تتطلب تجهيزات باهظة الثمن وتحديثاً واسعاً للشبكات، وهو ما يصعب توفره في ظل التحديات الاقتصادية والتقنية التي تمر بها البلاد. فالمستخدم العادي ما زال يعاني للحصول على اتصال مستقر عبر 4Gو3G، فكيف يمكن الانتقال إلى مرحلة أكثر تطوراً دون معالجة الأساسيات؟
الإعلان المشترك بين سيريتل وFSN، وإن كان يحمل نوايا طموحة، فإنه لا يعدو كونه اختباراً تجريبياً في مؤتمر محدود النطاق، وقد لا يتعدى كونه واجهة دعائية لتحسين الصورة العامة للشركة بعد سنوات من الانتقادات. كما أن غياب الشفافية حول خطط التطبيق الفعلي، ومدى شمول التجربة، يترك تساؤلات حول مدى جدية هذه الخطوة على أرض الواقع.
إن بناء شبكة 5G في سورية لا يتطلب التعاون بين الشركات الخاصة فقط، بل يستدعي إرادة سياسية واضحة، واستثمارات ضخمة، وإصلاحات جوهرية في بيئة الاتصالات. وحتى يتحقق ذلك، يبقى الحديث عن الجيل الخامس أقرب إلى حلم مؤجل، في بلد لا يزال يطمح أولاً في الوصول إلى إنترنت مستقر، وسرعات عادلة، وأسعار تناسب الدخل.
واختصاراً، يمكن القول إن إعلان تجربة 5Gيعتبر خطوة رمزية ذات أبعاد إعلامية أكثر من كونها مشروعاً تنفيذياً فعلياً، ما لم يتبعها تحرك حقيقي لإصلاح البنية التحتية وتقديم خدمة تليق بالمواطن السوري في عالم أصبح فيه الاتصال أداة أساسية للحياة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1226