تقاعس الجهات الرسمية يؤخر تسجيل الواقعات المدنية والمواطنون يدفعون الثمن

تقاعس الجهات الرسمية يؤخر تسجيل الواقعات المدنية والمواطنون يدفعون الثمن

بعد أشهر من التوقف والتجاهل، أعلنت مديرية الشؤون المدنية في سورية استئناف خدمة تسجيل الولادات الجديدة للمغتربين السوريين، بينما لا يزال تسجيل الواقعات داخل البلاد معطلاً، وسط غياب خطة واضحة وسقف زمني لإنهاء هذه الأزمة التي طالت بشكل غير مبرر.

القرار الذي جاء متأخراً، لا يغطي سوى شريحة واحدة من المتضررين، وهم السوريون المقيمون في الخارج، بينما تستمر معاناة آلاف العائلات داخل البلاد، العاجزين عن تسجيل مواليدهم أو تحديث بياناتهم الرسمية المرتبطة بالزواج أو الطلاق أو الوفاة، وكل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وحقوقية كارثية.

المفارقة أن الجهات الرسمية، وعلى رأسها مديرية الشؤون المدنية، لم تقدم اعتذاراً أو توضيحاً شفافاً للجمهور عن أسباب التعطيل المطوّل، مكتفية بتصريحات مبهمة عن «إهمال سابق» «وإصلاح الشبكة البرمجية»، وكأن المواطنين هم من عليهم تحمل نتائج كل ذلك.

المدير الحالي، عبد الله عبد الله، حاول تبرير التأخير بدمج شبكات إدلب وشمال حلب مع الشبكة المركزية، لكنه لم يفسّر لماذا لم يتم استكمال هذا الدمج حتى الآن بعد مضي أكثر من أربعة أشهر من التوقف؟

النتيجة المباشرة لهذا التقاعس أن مئات الأطفال السوريين، خاصة في الخارج، حرموا من الحصول على «رقم وطني»، وهو الشرط الأساسي لاستخراج أوراق ثبوتية، مما أدى إلى حرمانهم من الإقامة القانونية، والرعاية الصحية، والتعليم، والحق في الجنسية.

أما داخل سورية، فالمشهد أكثر سوداوية، فآلاف الأسر تعيش في قلق قانوني دائم، غير قادرة على تسجيل أولادها أو تعديل أوضاعها المدنية، وهو ما ينعكس على المعاملات اليومية للمواطنين، بدءاً من إصدار جواز سفر، مروراً بالتأمينات، وانتهاءً بالإرث والميراث.

كان من المتوقع أن يتم استئناف تسجيل الواقعات مع بداية شهر أيار، بحسب الوعد المقطوع من قبل مدير الشؤون المدنية إلا أن الموعد بقي دون تنفيذ، ما يعكس خللاً إدارياً وفنياً عميقاً، وتجاهلاً متواصلاً لمعاناة الناس.

إن استمرار هذا التعطيل ليس مجرد مسألة فنية أو إجرائية، بل هو تعبير عن تقصير مؤسساتي في صون حقوق الأفراد وضمان كرامتهم القانونية، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، بدلاً من التذرع بإصلاحات داخلية تأخرت لأشهر.

الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من التراخي، والمطلوب خطوات فورية لاستئناف تسجيل كل الواقعات، داخل وخارج سورية، فهذا الفشل الإداري غير المبرر يدفع ثمنه المواطن وحده.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1225