مخيم اليرموك... حي منسي بين الوعود والواقع المرير

مخيم اليرموك... حي منسي بين الوعود والواقع المرير

لا يزال مخيم اليرموك في دمشق يعيش واقعاً صعباً ومركّباً بعد سنوات من الحرب والتدمير، رغم عودة عدد كبير من سكانه إليه، سواء من المناطق «المحررة» أو من الشتات الداخلي.
فمع كل هذه العودة، يبقى المخيم خارج الحسابات الفعلية للخدمات الأساسية، وكأن من فيه يعيشون على الهامش.

حياة دون مقومات الحياة

منذ عودة الأهالي إلى منازلهم التي رمموها بأنفسهم وبجهود ذاتية، والمخيم يفتقر إلى أبسط البنى التحتية، فالكهرباء تصل عبر محولة متهالكة لا تفي بالغرض وتنقطع لساعات طويلة، بينما المياه تُمد عبر مواسير مكشوفة فوق الأرض. النفايات تتراكم في الشوارع، وروائحها الكريهة، مع انتشار القوارض والكلاب الشاردة، تحوّل الحياة اليومية إلى معاناة متواصلة. بعض السكان اضطروا لحرق القمامة للتخلص منها في ظل غياب واضح لطواقم نظافة دائمة أو جدول منتظم للترحيل.

الواقع القانوني والخدمي في مهب الريح

ما يزيد الطين بلة هو انعدام الخدمات الإدارية؛ فلا محكمة، ولا كاتب عدل، ولا دوائر نفوس، ولا فروع للمصارف أو شركات الاتصالات، ما يجعل أي إجراء قانوني أو إداري أو خدمي يتطلب عناء الانتقال خارج المخيم. وهذا يؤثر سلباً على وتيرة عودة الناس واستقرارهم.

اللقاء مع المحافظ... وعود لم تُنفذ

في 23 نيسان 2025، التقى وفد من وجهاء المخيم بمحافظ دمشق السيد ماهر مروان، حيث طُرحت أبرز التحديات الخدمية والقانونية، مثل ترحيل الأنقاض وتحسين الكهرباء والمياه وتعبيد الشوارع وتفعيل خطوط النقل الداخلي، مع تقديم مذكرة شاملة بأهم المطالب.

وقد وعد المحافظ بالاستجابة الفورية لبعضها، وبزيارة ميدانية إلى المخيم، لم تتم حتى الآن، ما جعل الوعود تبدو كأنها للاستهلاك الإعلامي فقط.

جهود محلية ومجتمعية... ولكن

لجنة اليرموك للتنمية بالتعاون مع دائرة خدمات اليرموك وبعض الجمعيات تحاول تغطية ما يمكن من نقص، سواء من خلال جمع القمامة أو تنفيذ مشاريع إنارة بالطاقة الشمسية. لكن هذه الجهود، رغم أهميتها، تبقى غير كافية ولا تُغني عن غياب دور الدولة الكامل.

مطالب بسيطة... وحقوق مشروعة

إن مطالب أهالي مخيم اليرموك لا تتعدى ما هو بديهي (كهرباء- ماء- نقل- نظافة- فرن خبز- اتصالات- إدارة محلية فاعلة- ومحكمة لإجراء المعاملات).

المطالب لا تحتاج إعجازاً، بل قراراً حازماً من الجهات المعنية بأن هذا الحي الدمشقي الأصيل له حق في الحياة الكريمة.

لا تجعلونا نندم على العودة

رسالة سكان المخيم واضحة: «هي رجعنا، لا تخلونا نندم».

فالمخيم ليس بناءً وجدراناً فقط، بل حياة وذاكرة وهوية، وهو بحاجة ماسة إلى التفاتة جدية من الدولة والجهات المعنية.

فالعودة بدأت، ولكن استمرارها مرهون بتوفير الخدمات وتهيئة بيئة ملائمة للعيش.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1225