في غرفة صناعة دمشق... الصناعيون يكشفون وجعهم ويطالبون بخارطة إنقاذ
تواجه الصناعة السورية، بجميع قطاعاتها، تحديات متراكمة تهدد استمرارية الإنتاج وتحد من قدرة الصناعيين على مواكبة المتغيرات الاقتصادية المتسارعة داخلياً وخارجياً.
ما طرحه المجتمعون في مقر غرفة صناعة دمشق وريفها خلال الاجتماع الموسع للقطاع الكيميائي برئاسة المهندس محمد أيمن المولوي، الأسبوع الماضي، يصلح أن يكون مرآة تعكس واقع كل الصناعات المنتجة في سورية، ويكشف عن معاناة ممتدة تستدعي تدخلاً عاجلاً وجذرياً من الجهات المعنية.
إغراق الأسواق والمنافسة غير العادلة
أبرز المشكلات المطروحة كانت مسألة إغراق الأسواق المحلية بالبضائع المستوردة، وبشكل خاص السيراميك الذي يدخل عبر المعابر غير الشرعية، مما يشكل تهديداً خطِراً للمنتج السوري.
الصناعيون دعوا إلى تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية ومكافحة التهريب الذي لا يضرب فقط الصناعة، بل يفتك أيضاً بالخزينة العامة للدولة ويؤدي إلى تفكك السوق الوطنية.
الخلل في المواصفات وضبط الجودة
لا يقل خطراً عن التهريب دخول بضائع غير مطابقة للمواصفات، وهو ما يجعل المنافسة غير عادلة بين المنتج المحلي الملتزم بالجودة، والمستورد الرخيص وغير المضمون. ولذا شدد الصناعيون على ضرورة تفعيل الرقابة النوعية على المنتجات المستوردة، خاصة في القطاعات الحيوية كالصناعات الطبية والبيطرية والتجميلية.
أزمة السيولة والتشوهات الجمركية
من أبرز المعيقات التي تهدد بوقف عجلة الإنتاج، هي أزمة السيولة المحجوزة في المصارف، والتي تمنع الصناعي من تأمين مستلزمات الإنتاج أو الوفاء بالتزاماته تجاه العمال والموردين.
إلى جانب ذلك، طالب الصناعيون بإصلاح التشوهات الجمركية وإعادة النظر في الرسوم المفروضة على المواد الأولية التي تعتبر شرياناً أساسياً لكل عملية إنتاجية، مؤكدين أن تساوي الرسوم بين المادة الخام والمنتج الجاهز أمر غير منطقي ويضر بالمنتج المحلي.
الإصلاح الضريبي وتمكين الورشات الصغيرة
الاجتماع لم يغفل عن الملفات العالقة منذ سنوات، وعلى رأسها النظام الضريبي، حيث طُرحت أفكار لتعديله بما يعكس الواقع الحقيقي للمكلفين، كتشميل المطابع الصغيرة بضريبة الدخل المقطوع، وتمييز المواد الأولية المطبوعة عن غير المطبوعة.
كما دُعيت الحكومة إلى إعفاء ورشات الأحذية الصغيرة من شرط الترخيص الإداري للسجل الصناعي، لتمكينها من العمل ضمن إطار قانوني وداعم للاقتصاد.
الطاقة والتصدير… مفاتيح النجاة
القطاع الصناعي لا يمكن أن يتعافى دون تأمين مستلزمات الطاقة، وهذا ما دفع الصناعيين إلى المطالبة بتوفير حوامل الطاقة، بما في ذلك السماح للقطاع الخاص باستيراد المحروقات، وإيجاد حلول لأموالهم المحتجزة لدى بعض الشركات الخاصة.
كما أكدوا على أهمية دعم التصدير في ظل المنافسة القوية مع المنتجات الإقليمية الأرخص تكلفة، مشيرين إلى ضرورة التواصل مع الأردن لفتح الأسواق أمام المنتجات السورية الممنوعة حالياً.
نحو رؤية صناعية وطنية
رئيس الغرفة المهندس المولوي أبدى التزاماً واضحاً بنقل هذه المطالب إلى الجهات المعنية، وأعلن عن تشكيل لجنة متخصصة لإعادة دراسة النظام الضريبي، والتواصل مع الهيئة العامة للمنافذ لفرض رقابة صارمة على المستوردات. كما أشار إلى أهمية التعاون مع مستشارين اقتصاديين لوضع رؤية صناعية قابلة للتطبيق.
في المحصلة، فإن ما يطرحه الصناعيون اليوم ليس مطالب رفاهية، بل نداء استغاثة لإنقاذ ما تبقى من الإنتاج الوطني. وهي دعوة مفتوحة إلى إعادة الاعتبار للصناعة السورية، باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية وبوابة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1224