تسهيلات التجاري السوري... سدد قرضك بالدولار واربح!
أصدر المصرف التجاري السوري في الآونة الأخيرة تعميماً يتيح للمتعاملين سداد أقساط القروض المستحقة أو إغلاق القرض كاملاً باستخدام المعادل بالدولار الأمريكي، وفقاً لسعر الصرف الرسمي المعتمد من مصرف سورية المركزي.
ووفقاً للبيان، يتم تنفيذ عمليات التسديد التي لا تتجاوز ما يعادل 1000 دولار أمريكي من قبل مديري الفروع مباشرة، في حين تُرفع الطلبات التي تتجاوز هذا الحد إلى مديرية التسليف ومديرية العلاقات الخارجية لدراستها والموافقة عليها.
القرار لم يستثنِ حتى أصحاب الديون المتعثرة، إذ يمكنهم التقدم بطلبات تسوية دَينهم بالآليات ذاتها، ما يفتح المجال أمام شريحة واسعة من المقترضين لإعادة تنظيم التزاماتهم المالية.
أبعاد اقتصادية وتفاوت في أسعار الصرف
من أبرز ما يميز هذا التعميم هو إقراره التعامل وفق سعر الصرف الرسمي، الذي يبلغ حالياً نحو 12000 ليرة للدولار، في حين أن سعر السوق الموازية لا يتجاوز 11000 ليرة.
هذا التفاوت يخلق فرصة ربح للمقترضين الذين يشترون الدولار من السوق السوداء لتسديد أقساطهم، حيث يحققون ربحاً صافياً يعادل 1000 ليرة عن كل دولار يتم تسديده.
وعند النظر إلى القروض القديمة، نجد أن الكثير من المتعاملين كانوا قد حصلوا على قروض عندما كان السعر الرسمي يقارب 13000 ليرة، في حين كان سعر السوق الموازي عند عتبة 15000 ليرة، أي إنهم استفادوا حينها أيضاً بفارق 2000 ليرة لكل دولار. أما اليوم، وبعد التسهيلات الجديدة، فقد أصبحت الفائدة التراكمية لهؤلاء تصل إلى نحو 3000 ليرة لكل دولار، أي ما يعادل 3 ملايين ليرة سورية لكل 1000 دولار يتم تسديده بهذه الطريقة.
الرابح الأكبر... كبار المتعثرين
في الواقع، يبدو أن المستفيد الأكبر من هذه التسهيلات هم أصحاب القروض الكبيرة، وخاصة المدينين المتعثرين، الذين امتنعوا عن السداد لفترات طويلة، واستثمروا رؤوس الأموال في المضاربة بسعر الدولار محققين أرباحاً إضافية.
فهؤلاء اليوم أمام فرصة تسوية أو إغلاق التزاماتهم بشروط تتيح لهم توفيراً مالياً كبيراً، بل أرباحاً صافية ناتجة عن فارق سعر الصرف.
الإيجابيات للمصرف التجاري السوري
لا شك أن القرار سيحقق إيجابيات للمصرف التجاري، ومنها:
- زيادة السيولة النقدية، حيث سيتلقى المصرف تدفقات مالية مباشرة بالدولار الأمريكي أو ما يعادله بالليرة، ما يعزز مركزه المالي ويزيد السيولة المتاحة لديه.
- تحفيز سداد الديون المتعثرة، فالقرار يشجع المدينين المتأخرين عن السداد على تسوية التزاماتهم، وهو ما ينعكس إيجاباً على قيود المصرف ويخفض نسبة الديون المشكوك في تحصيلها.
- الحد من النزاعات القانونية، وذلك بتوفير خيارات تسوية مرنة، قد يتراجع عدد الدعاوى القضائية المرتبطة بتحصيل القروض.
السلبيات والمخاطر
مقابل الإيجابيات أعلاه هناك بعض السلبيات، ومنها:
- ربحية للمضاربين، فالقرار قد يُفسّر بأنه مكافأة للمتعثرين أو المتلاعبين الذين استغلوا فرق سعر الصرف والمضاربة على الدولار.
- خسائر ضمنية للمصرف، فسداد القروض بدولار أرخص من القيمة الفعلية التي أُقرضت بها قد يعني فعلياً خسارة في القوة الشرائية أو القيمة المالية للمصرف.
- تشجيع على التعثر المستقبلي، فحين يرى المتعاملون أن التعثر لا يؤدي إلى عقوبات بل يُكافأ بتسهيلات إضافية، فقد يفقد النظام الائتماني فعاليته.
انعكاسات على الاقتصاد الكلي
الانعكاسات الاقتصادية العامة يمكن تلخيصها بنقطتين هامتين:
- الأولى هي تعزيز الدور الرسمي للدولار في التعاملات المالية داخل البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم وتعميق الدولرة.
- الثانية هي التأثير على السوق السوداء، فمن المحتمل أن يؤدي الطلب المتزايد على الدولار من السوق الموازية إلى رفع سعره، خاصة عند زيادة عدد المسددين باستخدام هذه الآلية.
العدالة المالية الغائبة
بالرغم من أن التعميم الصادر عن المصرف التجاري السوري يحمل جوانب إيجابية واضحة من ناحية تعزيز السيولة وتشجيع السداد، إلا أنه في الوقت ذاته يثير العديد من التساؤلات حول العدالة المالية، وتكافؤ الفرص بين المقترضين، خاصة حين يستفيد المتعثرون الكبار على حساب المقترضين الصغار، أو المنتظمين بالسداد.
بمطلق الأحوال يبقى نجاح القرار والتخفيف من سلبياته مرهوناً بوضع ضوابط دقيقة تضمن عدم تحول هذه التسهيلات إلى قناة للربح السريع أو المضاربة بالليرة والدولار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1224