الدروس الخصوصية عبء متزايد على الأسر في ظل تراجع التعليم المدرسي

الدروس الخصوصية عبء متزايد على الأسر في ظل تراجع التعليم المدرسي

مع اقتراب امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في سورية، تواجه الأسر السورية تحديات متزايدة، أبرزها العبء المالي الكبير المرتبط بالدروس الخصوصية، والتي أصبحت، في ظل ضعف العملية التعليمية في المدارس، الخيار الوحيد أمام الطلاب الراغبين في تحقيق نتائج جيدة.

هذه التحديات ليست مستجدة، بل هي قديمة ومزمنة منذ عقود، وبلا حلول، لكنها تعمقت أكثر على مستوى تكاليفها المرهقة بالنسبة لذوي الطلاب هذا العام، بالإضافة إلى قلة الكوادر التدريسية التي عانت منها غالبية المدارس خلال الفترة الحالية بظروفها الحرجة، وخاصة لبعض المواد الأساسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات.

ارتفاع كبير في تكاليف الدروس الخصوصية

في العام الماضي كانت أجور الدروس الخصوصية لطلاب الشهادة الثانوية (البكالوريا) تتراوح بين 30 إلى 50 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة، حسب المادة والمدرّس.
فعلى سبيل المثال، بلغت أجرة الساعة لمادة الفيزياء أو الرياضيات أو الكيمياء نحو 30 ألف ليرة سورية، بينما كانت الساعة لمادة اللغة الإنكليزية 25 ألف ليرة، وللعربية 15 ألف ليرة. أما طلاب الصف التاسع، فقد تراوحت أجور الدروس بين 10 إلى 20 ألف ليرة للساعة، حسب المادة.
أما في العام الحالي فقد شهدت هذه الأجور ارتفاعاً ملحوظاً بفعل التضخم المستمر وتدهور القدرة الشرائية، ما جعل الدروس الخصوصية خارج قدرة الكثير من العائلات، خاصة تلك التي تصنف ضمن شريحة الأسر المفقرة أو محدودة الدخل.
ففي بعض المناطق، وصلت أجرة الساعة الواحدة في مواد الرياضيات والفيزياء إلى أكثر من 50 ألف ليرة سورية، بينما تخطت أجور اللغة الإنكليزية والعربية حدود 30 ألف ليرة في بعض الحالات، وهناك أجور مضاعفة عن ذلك ترتبط بسمعة المدرس وخبرته.

أسباب اللجوء إلى الدروس الخصوصية

هذا الارتفاع لم يكن مفاجئاً في ظل استمرار تدهور الواقع التعليمي في المدارس الحكومية، وحتى الخاصة، حيث تعاني المؤسسات التعليمية من نقص كبير في الكوادر، وغياب الوسائل التعليمية الفعّالة، وتراجع اهتمام الطلاب والمعلّمين على حد سواء.
هذه الفجوات أجبرت أولياء الأمور على اللجوء إلى الدروس الخصوصية كحل بديل، رغم التكلفة الباهظة التي لا تتناسب مع دخل غالبية السوريين.

العبء المالي والحلول المطلوبة

أمام هذا الواقع، يجد الكثير من الأهل أنفسهم مضطرين للاقتراض أو التخلي عن حاجات أساسية لتوفير تكاليف الدروس الخاصة لأبنائهم، والتي أصبحت تقدر بملايين الليرات لكل طالب، بعدد محدود من الساعات ولبعض المواد الأساسية فقط، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل التعليم في البلاد، وضرورة إعادة النظر في واقع التعليم في المدارس العامة (أساسي وثانوي ومهني وغيرها) وإيجاد حلول حقيقية للمشاكل المزمنة كافة، والخاصة بجملة السياسات التعليمية، بالتوازي مع غيرها من السياسات المؤثرة مباشرة في العملية التعليمية، وخاصة السياسات الأجرية وسياسات الإنفاق العام، بما يضمن تعليماً مجانياً وفعّالاً وعادلاً للجميع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1223