تصدير الأغنام بين الحاجة الاقتصادية وحماية الثروة الحيوانية
مع اقتراب موسم الحج، تتكرر سنوياً ظاهرة تصدير الأغنام السورية، وخاصة غنم العواس، إلى الأسواق الخارجية، إذ يُعتبر الطلب عليها مرتفعاً في دول الخليج العربي.
وفي هذا الإطار، أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سورية عن تحميل أول شحنة من المواشي المخصصة للتصدير عبر مرفأ طرطوس، والتي تضم 5900 رأس من الغنم، في خطوة تعكس استمرار وتزايد عمليات التصدير خلال هذه الفترة من كل عام.
لكن هذا القرار يطرح تساؤلات عديدة حول مدى تأثير عمليات التصدير على الثروة الحيوانية المحلية، خاصة في ظل غياب معلومات دقيقة عن السقف المسموح لتصدير رؤوس الأغنام، فقد درجت العادة لدى السلطة الساقطة أن تحدد سقفاً تصديرياً، لكن ذلك غاب على يد حكومة تسيير الأعمال.
فبينما تسعى الحكومة كما يفترض لتحقيق توازن بين الفائدة الاقتصادية والحفاظ على قطاع الثروة الحيوانية، تبرز مخاوف من تداعيات هذه العمليات، ولا سيما مع استمرار ظاهرة التهريب، التي تنشط بشكل ملحوظ خلال موسم الحج.
الأهمية الاقتصادية لتصدير الأغنام
تعتبر تربية أغنام العواس واحدة من أهم القطاعات الزراعية في سورية، إذ يعتمد عليها عدد كبير من المربين في تأمين مصدر رزقهم.
وتتميز الأغنام السورية، وخاصة العواس، بجودتها العالية وإنتاجها الوفير للحوم، مما يجعلها مطلوبة في الأسواق الخارجية، ولا سيما في دول الخليج التي تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من اللحوم الحمراء خلال موسم الأعياد والمناسبات الدينية.
يوفر التصدير مصدراً هاماً للعملة الصعبة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث يشكل قطاع الثروة الحيوانية واحداً من المجالات القليلة التي يمكن الاستفادة منها لرفد الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، فإن التصدير غير المدروس قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم محلياً، مما يزيد الأعباء على المستهلك السوري.
غياب سقف واضح للتصدير وأثره على السوق المحلية
رغم أهمية التصدير من الناحية الاقتصادية، فإن غياب ضوابط واضحة تحدد سقف تصدير الأغنام قد يترك أثراً سلبياً على السوق المحلية، إذ إن زيادة الكميات المصدرة تؤدي إلى نقص المعروض داخل البلاد، وبالتالي ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق السورية.
فعلى مدار السنوات الماضية، حاولت الجهات الرسمية في السلطة الساقطة ضبط عمليات التصدير من خلال فرض كوتا محددة، إلا أن هذه السياسات لم تكن دائماً فعالة، خاصة مع استمرار عمليات التهريب، التي تؤثر بشكل كبير على التوازن بين العرض والطلب.
التهريب... خطر يهدد الثروة الحيوانية
لا يقتصر التهريب على موسم الحج فقط، لكنه يزداد بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، حيث يسعى التجار إلى استغلال ارتفاع الطلب في الأسواق الخارجية لتحقيق أرباح كبيرة.
وتتم عمليات التهريب عبر المنافذ الحدودية غير الشرعية، مما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الثروة الحيوانية دون أي عائد اقتصادي للدولة.
وتكمن خطورة التهريب في أنه لا يخضع لأي تنظيم أو رقابة حكومية، مما يعني أن الأغنام المهربة لا تمر بأي فحوصات بيطرية، وهو ما قد يشكل خطراً صحياً على الأسواق المستوردة.
بالإضافة إلى ذلك، يؤدي التهريب إلى استنزاف الثروة الحيوانية في سورية، ما قد ينعكس سلباً على المربين المحليين على المدى الطويل.
الموازنة بين التصدير وحماية الثروة الحيوانية
لتحقيق توازن بين الفائدة الاقتصادية والحفاظ على الثروة الحيوانية في سورية، من الضروري اتخاذ عدة إجراءات، منها:
تحديد سقف واضح لعمليات التصدير، بحيث يتم تصدير كميات مدروسة لا تؤثر على السوق المحلية.
تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع عمليات التهريب، وتطبيق عقوبات صارمة على المهربين.
دعم المربين المحليين من خلال تقديم إعانات مالية وأعلاف مدعومة، مما يشجعهم على زيادة الإنتاج المحلي.
إجراء دراسات دورية حول أعداد الثروة الحيوانية في سورية لضمان استدامتها وعدم تعرضها للاستنزاف.
الفائدة الاقتصادية وضمان الاستدامة
يبقى تصدير الأغنام السورية، خاصة غنم العواس، خياراً اقتصادياً مهماً، لكنه يحتاج إلى تنظيم صارم لضمان عدم الإضرار بالسوق المحلية والثروة الحيوانية.
فبينما توفر عمليات التصدير دخلاً هاماً للبلاد، فإن غياب الضوابط الكافية واستمرار التهريب يشكلان تهديداً حقيقياً لهذا القطاع الحيوي. وبالتالي، فإن إيجاد حلول متوازنة بين تحقيق الفائدة الاقتصادية وضمان الاستدامة يعد أمراً ضرورياً لضمان مستقبل أفضل للثروة الحيوانية في سورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1220