أزمة الصرافات معاناة متفاقمة للمواطنين والمتقاعدين

أزمة الصرافات معاناة متفاقمة للمواطنين والمتقاعدين

تشهد العاصمة دمشق، كما بقية المحافظات السورية، أزمة حادة في الصرافات الآلية التابعة للمصرفين العقاري والتجاري.
فقد أصبحت مشاهد الطوابير الطويلة أمام الصرافات مشهداً يومياً يعكس حجم المشكلة التي يعاني منها المواطنون، ولا سيما الموظفون والمتقاعدون الذين يعتمدون على هذه الصرافات لسحب رواتبهم الشهرية.

أسباب الأزمة مزيج من الأعطال ونقص السيولة

تتعدد الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الصرافات، ومن أبرزها:
قلة عدد الصرافات العاملة، حيث يعاني العديد من الصرافات من أعطال متكررة، وغالباً ما تخرج عن الخدمة أياماً أو حتى أسابيعَ دون صيانة سريعة.
نقص السيولة النقدية، فقد باتت مشكلة نقص الأموال في الصرافات ذريعة إضافية تزيد من المعاناة، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام صرافات فارغة أو لا تتيح سوى سحب مبالغ محدودة.
السقف المحدد للسحب، فتحديد سقف يومي للسحب زاد من الضغط على الصرافات، إذ يضطر المواطن إلى العودة أكثر من مرة للحصول على كامل راتبه.
التأخير في تغذية الصرافات، فالكثير من الصرافات تُترك دون تغذية بالأموال لفترات طويلة، مما يزيد من الازدحام عند القليل من الصرافات العاملة.
انقطاع الكهرباء وسوء شبكة الاتصالات، حيث تتسبب هذه العوامل في تعطل الكثير من الصرافات، أو توقفها المؤقت أثناء محاولة المواطنين السحب.

المتقاعدون وكبار السن معاناة مضاعفة في طوابير طويلة

تتفاقم هذه الأزمة بشكل خاص بالنسبة للمتقاعدين وكبار السن، الذين يضطرون للانتظار لساعات طويلة في ظروف غير مريحة، وأحياناً في طقس شديد البرودة أو الحرارة.
فالكثير منهم يعاني من أمراض مزمنة تجعل الوقوف فتراتٍ طويلة خطراً على صحتهم، ومع ذلك لا يجدون بديلاً سوى الاستمرار في الطابور أو العودة لاحقاً لمحاولة جديدة، مما يعني إرهاقاً جسدياً ونفسياً إضافياً.
يقول أحد المتقاعدين في أحد الطوابير أمام صراف تجاري معطل:
»أعاني من السكري وضغط الدم، ومع ذلك يجب أن أقف ساعاتٍ للحصول على راتب لا يكفي حتى لشراء أدويتي. في كل مرة أعود إلى المنزل دون أن أتمكن من السحب، أشعر أنني بلا كرامة، وكأننا متسولون ننتظر الصدقة».

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

لا تقتصر آثار هذه الأزمة على الجانب المعيشي فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد المحلي أيضاً، حيث يؤدي نقص السيولة وصعوبة السحب إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وتأخرهم في سداد التزاماتهم المالية. كما أن الموظفين يضطرون إلى التغيب عن أعمالهم أو التأخر بسبب الوقت الطويل الذي يقضونه أمام الصرافات، مما ينعكس سلباً على الإنتاجية في مختلف القطاعات.

هل من مخرج لهذه الأزمة؟

أمام هذه الأزمة المستمرة، لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين، ومن أبرز الحلول الممكنة:
زيادة عدد الصرافات العاملة وصيانتها الدورية لضمان بقائها قيد الخدمة طوال الوقت.
توفير سيولة نقدية كافية لتجنب نفاد الأموال سريعاً من الصرافات.
رفع سقف السحب اليومي ليتمكن المواطن من الحصول على راتبه كاملاً دون الحاجة إلى العودة عدة مرات.
تفعيل حلول بديلة مثل الدفع الإلكتروني وزيادة عدد نقاط البيع التي تقبل البطاقات المصرفية لتخفيف الضغط على الصرافات.
توفير مراكز خاصة للمتقاعدين وكبار السن تمكنهم من الحصول على رواتبهم دون الحاجة للوقوف ساعاتٍ طويلة.

الحاجة إلى إجراءات تحترم كرامة الناس

أزمة الصرافات في سورية ليست مجرد مشكلة تقنية أو إدارية، بل تعكس عمق الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تواجه المواطن يومياً.
ففي ظل غياب حلول جذرية، تبقى الطوابير الطويلة ومعاناة المواطنين– ولا سيما المتقاعدون– مشهداً مؤلماً يتكرر كل شهر، في انتظار إجراءات فعلية تحترم كرامة الناس وتخفف عنهم أعباء الحياة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1220