إعادة الحقوق لأصحابها وضرورة توحيد آليات معالجة ملف الاستملاك في سورية

إعادة الحقوق لأصحابها وضرورة توحيد آليات معالجة ملف الاستملاك في سورية

يُعد الاستملاك من القضايا الحساسة التي تمس حقوق الملكية الخاصة للمواطنين، حيث تلجأ الدولة إلى هذه الإجراءات لتنفيذ مشاريع تنموية تخدم المصلحة العامة، مثل: بناء الطرق، والمدارس، والمشافي، وغيرها من المرافق العامة.

إلا أن تنفيذ عمليات الاستملاك، في كثير من الأحيان، ترافقه مشاكل قانونية وإدارية تنعكس سلباً على حقوق المالكين، خصوصاً عندما لا يحصل المتضررون على تعويض عادل، أو عندما تتأخر الدولة في تنفيذ المشاريع المستملكة الأراضي لأجلها، مما يبقي العقارات بحالة غير مستقرة لفترات طويلة.

إعلان محافظة ريف دمشق خطوة إيجابية ولكنها جزئية

أعلنت محافظة ريف دمشق، في خطوة لافتة وغير مسبوقة، عن فتح باب استقبال الشكاوى والطلبات من المواطنين المتضررين من الاستملاكات الواقعة على عقاراتهم، بشرط ألّا يكون قد تم تنفيذ المشروع الاستملاكي بعد.
هذا القرار، بلا شك، يمثل استجابة إيجابية لمطالب المواطنين الذين تأثروا بالإجراءات السابقة، ويمنحهم فرصة لاستعادة حقوقهم، أو تصحيح بعض الأخطاء الناتجة عن قرارات الاستملاك غير المنفذة.
مع ذلك، فإن مثل هذه القرارات، رغم أهميتها، تظل إجراءات جزئية ومحدودة النطاق، حيث تقتصر على محافظة واحدة دون أن تشمل المناطق السورية جميعها.
فمعالجة قضايا الاستملاك يجب أن تكون جزءاً من سياسات مركزية شاملة، وليست مسؤولية كل محافظة على حدة.
فالمشاكل الناتجة عن الاستملاك لا تقتصر على ريف دمشق وحدها، بل هي قضية وطنية تتطلب حلولاً موحدة ومنهجية تشمل المناطق المتضررة جميعها، وفق رؤية واضحة.

ضرورة وجود آلية مركزية لمعالجة ملف الاستملاك

تتطلب معالجة ملف الاستملاك نهجاً مركزياً، وذلك لعدة أسباب أساسية، منها:
توحيد المعايير والإجراءات، فعند قيام كل محافظة بمعالجة قضايا الاستملاك بشكل منفصل، قد تظهر تفاوتات في القرارات والإجراءات، مما يؤدي إلى غياب العدالة بين المواطنين في المحافظات المختلفة. لذا، من الضروري وضع معايير موحدة على مستوى الدولة، تضمن المساواة بين المتضررين جميعهم.
ضمان حقوق المتضررين بشكل عادل، فتعويض المتضررين عن أراضيهم وآليات التنفيذ يتطلب وضوحاً قانونياً وإدارياً، بحيث يحصل المواطنون على حقوقهم دون تأخير أو تلاعب، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إطار قانوني موحد على مستوى الدولة.

تحقيق العدالة بين المصلحة العامة والخاصة

لا شك أن مشاريع الدولة التنموية تخدم المصلحة العامة، ولكن لا ينبغي أن تأتي على حساب حقوق المواطنين دون تعويض عادل.
والضرورة تفرض وجود آليات مركزية تضمن إيجاد توازن بين حق الدولة في تنفيذ مشاريعها، وحق المواطن في الاحتفاظ بأرضه، أو الحصول على تعويض مناسب.
ورغم أن إعلان محافظة ريف دمشق خطوة إيجابية تصب في مصلحة المواطنين المتضررين من الاستملاك، إلا أن الحل الجذري لهذه المشكلة لا يمكن أن يكون محلياً أو جزئياً، بل يجب أن يكون ضمن إطار وطني شامل يضمن العدالة للمتضررين جميعهم في المحافظات المختلفة.
إن توحيد إجراءات الاستملاك ضمن قانون وطني واضح، وإنشاء هيئة مركزية متخصصة، سيحقق التوازن بين متطلبات التنمية والمصلحة العامة، وبين حقوق المواطنين في الاحتفاظ بعقاراتهم، أو الحصول على تعويض عادل.
فمعالجة ملف الاستملاك بطريقة موحدة ومدروسة ليست مجرد حاجة قانونية، بل هي ضرورة لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218