إعادة تقييم العاملين في حبوب حماة خطوة ضرورية... ولكن أين التخطيط المركزي؟

إعادة تقييم العاملين في حبوب حماة خطوة ضرورية... ولكن أين التخطيط المركزي؟

في خطوة لافتة، قامت اللجنة المختصة في مؤسسة الحبوب بفرع حماة بإجراء مقابلات لإعادة تقييم العاملين الذين حصلوا على إجازة مأجورة لمدة ثلاثة أشهر، وذلك بهدف إعادة توظيف الكوادر ذات الخبرة والكفاءة.

ورغم أن هذه الخطوة تبدو من حيث المبدأ إيجابية وضرورية، إلا أنها تطرح تساؤلات جوهرية حول آليات اتخاذ القرار في المؤسسات العامة، ومدى الالتزام بالمعايير الإدارية السليمة.

أين التخطيط المسبق؟

من البديهي أن أي مؤسسة تعتمد على الكفاءات البشرية يجب أن تخطط مسبقاً لقراراتها، خاصة عندما تتعلق هذه القرارات بإجازات مأجورة للعاملين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لم تتم عملية التقييم قبل منح الإجازات بدلاً من مراجعتها بعد تنفيذ القرار؟
هذا الأمر يعكس خللاً إدارياً واضحاً، ويؤكد الحاجة إلى نهج أكثر تنظيماً في إدارة الموارد البشرية داخل المؤسسات الحكومية.

غياب الإدارة المركزية والمعايير الموحدة

الأمر الأكثر إشكالية في هذه القضية، هو غياب المركزية الإدارية في اتخاذ مثل هذه القرارات.
فبدلًا من أن يكون التقييم والإجازات قرارات محلية تخص كل فرع على حدة، كان من الأجدى أن تتم العملية على مستوى المؤسسة ككل، وفقاً لمعايير تقييم موحدة تضمن العدالة والشفافية في التعامل مع جميع العاملين، بعيداً عن الاجتهادات الشخصية والقرارات الارتجالية التي قد تؤدي إلى نتائج غير عادلة، أو غير فعالة.
فإدارة الموارد البشرية في المؤسسات العامة تتطلب سياسات واضحة تستند إلى تخطيط استراتيجي، وليس إجراءات ارتجالية يتم تصحيحها لاحقاً.
وفي هذا السياق، ينبغي أن تكون هناك معايير محددة يتم اتباعها في الفروع جميعها لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، دون إلحاق الضرر بالموظفين، أو بالإنتاجية العامة للمؤسسة.

التسريح التعسفي والإجازات المأجورة قرارات غير قانونية

بعيداً عن مسألة التقييم، فإن قرارات منح الإجازات المأجورة، أو التسريح التعسفي للعاملين في ظل حكومة تسيير الأعمال تعتبر غير قانونية، إذ لا تمتلك هذه الحكومة صلاحيات اتخاذ قرارات جوهرية تؤثر على الموظفين ومستقبلهم الوظيفي.
فأي إجراء يمس استقرار العاملين دون سند قانوني واضح يعد خروجاً عن نطاق الصلاحيات المحددة لحكومة تسيير الأعمال، ما يستوجب مراجعة هذه القرارات جميعها وإلغاءها إذا ثبت عدم شرعيتها.

ضرورة الإصلاح الإداري

هذه القضية تؤكد مرة أخرى الحاجة الملحة لإصلاح إداري شامل في المؤسسات الحكومية، بحيث يتم اتخاذ القرارات بناءً على معايير واضحة وخطط مدروسة، وليس كرد فعل على أخطاء سابقة.
فمن الضروري اعتماد سياسات إدارية قائمة على التخطيط الاستراتيجي لضمان استقرار العمل، وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والإنتاجية، دون تعريض حقوق العاملين للتلاعب أو المساومة.

المطلوب إعادة تقييم سياسات اتخاذ القرار

ما يحدث في فرع مؤسسة الحبوب بحماة قد يكون خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكنه في الوقت ذاته يعكس أزمة أعمق تتعلق بالإدارة والتخطيط في المؤسسات العامة.
والمطلوب اليوم ليس فقط إعادة تقييم العاملين، بل إعادة تقييم سياسات اتخاذ القرار داخل المؤسسة ككل، وعلى مستوى الجهات العامة والحكومة نفسها كافة، وذلك من خلال إرساء معايير موحدة تمنع الفوضى الإدارية، وتضمن حقوق العاملين في إطار قانوني واضح وعادل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218