تصدير الخردة بين الحاجة الاقتصادية ومتطلبات إعادة الإعمار

تصدير الخردة بين الحاجة الاقتصادية ومتطلبات إعادة الإعمار

أثار تصريح مصدر في وزارة الاقتصاد السورية، الذي نشرته صحيفة الثورة بتاريخ 13 آذار الحالي، جدلاً حول السماح بتصدير الخردة، رغم عدم صدور قرار رسمي بذلك!

والسماح بالتصدير تحت مسمى «الخردة» يشمل (الحديد، النحاس، الألمنيوم، والبلاستيك) وهي مواد قابلة لإعادة التدوير، ويمكن استخدامها في العديد من القطاعات الصناعية.
فرغم أن تصدير الخردة يوفر القطع الأجنبي، إلا أنه يطرح تساؤلات حول مدى تأثيره على عملية إعادة الإعمار والاقتصاد المحلي.

بعض الإيجابيات

قد يمثل تصدير الخردة فرصة لدخول العملة الصعبة إلى السوق السورية، مما يساعد في تخفيف الضغط على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل العقوبات التي تعيق تدفق العملات الأجنبية.
كذلك فإن تصدير الخردة قد يشجع المستثمرين والتجار على جمع وفرز النفايات المعدنية والبلاستيكية، مما يخلق نشاطاً اقتصادياً إضافياً، قد يسهم في تنشيط بعض القطاعات التجارية.
ومع ازدياد الطلب على جمع وفرز الخردة من أجل التصدير، يمكن أن يوفر هذا القطاع فرص عمل للكثير من الأفراد، خاصة في ظل البطالة المرتفعة.
كذلك يمكن أن يكون تصدير الخردة وسيلة للاستفادة من المواد القابلة للتدوير بدلاً من تركها تتراكم، مما يسهم في تحسين البيئة، لكن ذلك مشروط بتوفر معامل محلية كافية لإعادة التدوير.

سلبيات لا بد من الإشارة إليها

تحتاج سورية إلى كميات كبيرة من المواد الخام لإعادة بناء بنيتها التحتية المتضررة، وبدلاً من تصدير الخردة، يمكن استخدامها في المصانع المحلية لإنتاج الحديد والألمنيوم، مما يسهم في دعم عملية إعادة الإعمار وتقليل الحاجة إلى الاستيراد المكلف.
سيؤدي تصدير الخردة إلى تقليل المعروض من المواد الخام في الأسواق المحلية، مما يرفع أسعار (الحديد، الألمنيوم، والنحاس) وبالتالي يؤثر سلباً على الصناعات الصغيرة والحرفية التي تعتمد على هذه المواد، وبالتالي رفع أسعار هذه المواد الأولية محلياً.
وفي حال تم تصدير كميات كبيرة من الخردة، فقد يتضرر قطاع إعادة التدوير المحلي الذي يستفيد من هذه المواد في تصنيع منتجات جديدة، مما يقلل من الحاجة إلى الاستيراد، وذلك يعني إضعاف قطاع إعادة التدوير المحلي وتهديد استمرار وجوده، مع خسارة ما يحققه من قيمة مضافة للصناعة المحلية.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن فتح باب التصدير دون ضوابط صارمة قد يؤدي إلى زيادة عمليات تهريب المعادن والاستغلال غير القانوني للخردة، مما قد يتسبب في فقدان الدولة للعديد من الموارد القيمة التي يمكن استثمارها محلياً.
أخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن عمليات التصدير والتهريب للخردة، وكذلك عمليات الاستيراد للمواد الأولية، تمثل فرص تربح مغرية للقائمين عليها من كبار التجار، وهؤلاء لا تعنيهم الضرورات الوطنية في مرحلة إعادة الإعمار، بقدر اهتمامهم بمكاسبهم وأرباحهم.

التنظيم والضوابط

رغم أن تصدير الخردة يحمل بعض الفوائد الاقتصادية، إلا أنه قد يؤثر سلباً على عملية إعادة الإعمار والصناعة المحلية.
على ذلك يبدو من الضروري أن يتم تنظيم هذه العملية من خلال وضع ضوابط واضحة، مثل: السماح بتصدير الفائض فقط، بعد تأمين احتياجات السوق المحلية، ودعم إنشاء معامل إعادة تدوير متطورة، بالإضافة إلى فرض رقابة مشددة لمنع التهريب والاستغلال غير القانوني.
فتحقيق توازن بين تحقيق العوائد المالية والحفاظ على الموارد الحيوية لدعم الاقتصاد السوري هو المطلوب بالحد الأدنى في هذه المرحلة الحرجة، وذلك كله بمسؤولية الحكومة افتراضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218