البسطات في أسواق دمشق... الحاجة المعيشية وغياب التنظيم

البسطات في أسواق دمشق... الحاجة المعيشية وغياب التنظيم

شهدت أسواق دمشق، ولا سيما سوق الصالحية، ازدياداً ملحوظاً في انتشار البسطات، حيث أصبحت أكثر كثافة وعدداً، ما يعكس واقعاً اقتصادياً متأزماً تعيشه فئات واسعة من المواطنين.

ويعود هذا التزايد إلى قلة فرص العمل، خاصة بعد قرارات الفصل التعسفي من الوظائف العامة في الجهات الحكومية، مما دفع الكثيرين إلى البحث عن مصادر دخل بديلة، وكان العمل في البسطات أحد الحلول المتاحة.
ومع هذا الانتشار المتزايد، بدأت محافظة دمشق بتنفيذ حملات مكثفة لإزالة هذه البسطات، بحجة أنها تعيق الحركة وتسبب ازدحاماً في الأسواق، وتؤدي إلى انتشار المخلفات العشوائية.
إلا أن هذه الإجراءات قوبلت بغضب ورفض من قبل أصحاب البسطات، الذين يعتبرون أن هذه التجارة البسيطة هي مصدر رزقهم الوحيد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
فبعد كل حملة إزالة وملاحقة ومكافحة من قبل المحافظة تستعيد البسطات عافيتها، لتعود مجدداً إلى الانتشار والتوسع بعد ساعات محدودة ليس إلا، فهي بالنسبة للعاملين عليها فرصة العمل المتاحة ومصدر رزقهم الوحيد!

أحداث سوق الصالحية... تصعيد ومواجهة

أدى الضغط المتزايد من قبل المحافظة لإزالة البسطات إلى تصعيد في سوق الصالحية، حيث اندلعت مشكلة بين أصحاب البسطات، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء، وأسفرت عن تسجيل إصابات.
وعلى إثر ذلك، قرر أصحاب المحال التجارية في السوق إغلاق محالهم احتجاجاً، مطالبين المحافظة باتخاذ إجراء جذري لإنهاء انتشار البسطات في السوق، وهو ما استجابت له المحافظة سريعاً، ليصبح السوق خالياً تماماً من البسطات.

الآثار المترتبة على إزالة البسطات

كان لهذا القرار وجهان متناقضان:
الأول إيجابي إذ عاد السوق إلى حالته المنظمة، ما أدى إلى تسهيل حركة المارة والتسوّق، كما استعاد أصحاب المحال مساحتهم التجارية دون تأثير المنافسة غير المنظمة للبسطات.
والثاني سلبي حيث وجد أصحاب البسطات أنفسهم فجأة بلا عمل، وبالتالي بلا مصدر دخل يعينهم على تحمل تكاليف الحياة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لديهم.
الجدير بالذكر أن بعض البسطات لم تكن عائدة فقط لأشخاص عاطلين عن العمل، بل كانت مملوكة من قبل أصحاب محال تجارية داخل السوق، يستخدمونها كوسيلة إضافية لزيادة مبيعاتهم، ما يضيف بعداً آخر إلى المشكلة.

نحو حلول عادلة ومتوازنة

إن قضية البسطات ليست محصورة بسوق الصالحية بدمشق فقط، فهي ممتدة ومتسعة في كل الأسواق والشوارع وعلى النواصي في الأحياء، وهي على ذلك تحتاج إلى حلول تنصف العاملين عليها، دون أن تكون مصدراً للازدحام والفوضى.
وتتركز بداية الحلول على ما يلي:
تخصيص أماكن منظمة للبسطات في أسواق شعبية مهيأة لاستيعابها، بحيث تضمن للعاملين استمرار مصدر رزقهم دون الإضرار بالمحال التجارية أو المارة.
إصدار تصاريح مؤقتة لأصحاب البسطات، مع فرض رقابة على الالتزام بالنظافة وعدم التعدي على الأرصفة أو الممرات.
تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تقديم قروض ميسرة وتحفيز أصحاب البسطات على الانتقال إلى العمل ضمن محلات تجارية منظمة.
تنظيم الأسواق الشعبية بدلاً من إزالتها بشكل كامل، بما يضمن حقوق الجميع ويحقق التوازن بين الحاجة المعيشية ومتطلبات التنظيم العام.
توفير جبهات عمل تستقطب العمالة من خلال تشجيع ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي، واستقطاب المستثمرين والاستثمارات التي تشغل المزيد من الأيدي العاملة بالمجالات الصناعية والخدمية والتجارية.
فمشكلة البسطات في دمشق وغيرها من المحافظات والمدن واحدة من القضايا التي تعكس التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، وهي بحاجة إلى حلول شاملة تأخذ بعين الاعتبار حقوق البائعين، وحاجة الأسواق إلى التنظيم، مع ضمان عدم تفاقم البطالة والفقر في المجتمع.
فلاشة:
بعد كل حملة إزالة تستعيد البسطات عافيتها لتعود إلى الانتشار بعد ساعات محدودة ليس إلا فهي بالنسبة للعاملين عليها فرصة العمل المتاحة ومصدر رزقهم الوحيد

معلومات إضافية

العدد رقم:
1217