استئناف خدمات التأمين الصحي خطوة بالاتجاه الصحيح ولكنها غير كافية
أعلنت هيئة الإشراف على التأمين في سورية عن استئناف تقديم خدمات التأمين الصحي في القطاع الخاص، بالإضافة إلى استعادة الخدمات الطبية للأدوية المزمنة، والحالات الإسعافية القلبية، والولادات، وعلاج الأمراض السرطانية للمؤمَّن عليهم في القطاع العام عبر المؤسسة العامة السورية للتأمين.
كما أكدت الهيئة أنه سيتم تسديد مستحقات مزودي الخدمة الصحية حتى نهاية شهر كانون الثاني 2025.
ويشار بهذا الصدد إلى أن وقف الخدمات الطبية كان بسبب تجميد حسابات قطاع التأمين من قبل حكومة تسيير الأعمال!
عودة الخدمات... ولكن ماذا عن الأشهر السابقة؟
لا شك أن هذا القرار يشكل خطوة إيجابية نحو إعادة تفعيل قطاع التأمين الصحي الذي يعاني من مشكلات متراكمة، ولكنه لا يزال غير كاف من وجهة نظر المؤمَّن عليهم ومزودي الخدمات الطبية على حد سواء.
فبالرغم من استئناف بعض الخدمات، إلا أن هناك عدة ثغرات جوهرية لم تتم معالجتها بعد، وأبرزها:
الخدمات الصحية المقدمة ما زالت محدودة، فهي لا تشمل جميع أنواع العلاجات والحالات المرضية، فالكثير من المرضى الذين يحتاجون إلى علاجات مكلفة أو مزمنة ما زالوا غير مشمولين بالخدمات بشكل كامل.
عدم تسديد مستحقات مزودي الخدمات بالكامل، فعلى الرغم من أن الهيئة تعهّدت بدفع المستحقات حتى نهاية كانون الثاني من عام 2025، إلا أن هناك مستحقات متراكمة لم تتم تسويتها بالكامل، والتأخير في تسديد هذه المستحقات يؤثر سلباً على جودة الخدمات الطبية المقدمة للمؤمن عليهم.
ضياع حقوق المؤمن عليهم خلال فترة التوقف، فتوقف الخدمات الطبية خلال الأشهر السابقة أدى إلى حرمان الكثير من المرضى من حقهم في العلاج، مما تسبب في تفاقم حالاتهم الصحية، فالقرار الحالي لم يتطرق إلى تعويض هؤلاء المؤمن عليهم أو تأمين بدائل لهم عن الفترة التي توقفت فيها التغطية الصحية.
ضرورة إصلاح قطاع التأمين الصحي لضمان حقوق الجميع
يعتبر التأمين الصحي من القطاعات الحيوية التي يجب الحفاظ عليها، ليس من أجل استمرار شركات التأمين فقط، وإنما لضمان حقوق المؤمن عليهم أولاً. فأي قرار يُتخذ يجب أن يراعي ما يلي:
شمولية الخدمات الصحية بحيث تغطي جميع الحالات المرضية وليس فقط جزءاً منها.
تسديد كامل مستحقات مزودي الخدمات الصحية لضمان استمرار تقديم خدمات طبية ذات جودة عالية.
تعويض المؤمن عليهم عن الأشهر التي لم يتلقوا فيها خدمات طبية، سواء من خلال تمديد فترة التأمين أو تقديم مزايا إضافية لهم.
مسؤولية الحكومة
إن قرار استئناف خدمات التأمين الصحي خطوة إيجابية لكنها غير كافية، ولا بد من اتخاذ إجراءات أكثر شمولية لضمان حقوق المرضى المؤمن عليهم، وليس فقط ضمان استمرارية عمل شركات التأمين.
فالتأمين الصحي يجب أن يكون خدمة تحمي صحة المواطن أولاً، وليس مجرد قطاع اقتصادي يدور حول تحقيق التوازن المالي للشركات وضمان أرباحها!
فقرار تجميد الحسابات ووقف الخدمات الطبية لم تتأثر به شركات التأمين، حيث كان المؤمَّن عليه هو الحلقة الأضعف الذي دفع ضريبة ذلك من صحته ومن جيبه، وعلى الحكومة التي أوقفت خدمات التأمين الصحي خلال الأشهر الفائتة أن تعمل على تعويض المرضى المؤمن عليهم عن هذه الفترة باعتبار ذلك حقاً لهم، مع ضمان حسن استمرار تقديم هذه الخدمات وعدم توقيفها مستقبلاً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1217