تمويل الأنشطة المدرسية ذريعة جديدة لزيادة الجباية بالمليارات!

تمويل الأنشطة المدرسية ذريعة جديدة لزيادة الجباية بالمليارات!

صفعة جديدة توجه لحق مجانية التعليم من قبل الحكومة، وهذه المرة لم يقتصر الأمر على سياسات تخفيض الإنفاق على قطاع التعليم، وغيره من القطاعات، تماشياً مع السياسات الظالمة المطبقة منذ عقود وحتى الآن، بل تعدى ذلك إلى زيادة الجباية من جيوب ذوي الطلاب، وعلى حساب ضروراتهم ومعيشتهم، بذريعة تمويل الأنشطة المدرسية!

فبحسب بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن وزير التربية، أنه خلال جلسة الحكومة بتاريخ 19/11/2024 تمت مناقشة مشروع الصك التشريعي الخاص بإحداث صندوق التعاون والنشاط في المدارس في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، والاقتراح بتشريع رفع رسوم الصندوق بكل فصل دراسي بحيث تصبح في المرحلة الأولى 10,000 ليرة، وفي المرحلة الثانية 15,000 ليرة، وفي مرحلة التعليم الثانوي 20,000 ليرة.
على ذلك فإن المبلغ الوسطي الذي ستتم جبايته من ذوي الطلاب خلال الفصلين الدراسيين باسم الصندوق المزمع إحداثه سيكون بحدود 35 ألف ليرة سنوياً، هذا بحال تم الإبقاء على هذه المبالغ على حالها ولم تتم زيادتها لاحقاً!

تفاصيل رسمية!

بحسب الصفحة الرسمية للحكومة «شهد مشروع الصك التشريعي الخاص بإحداث صندوق التعاون والنشاط في المدارس العامة والخاصة والمستولى عليها في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، مناقشات مستفيضة ومتباينة في آن معاً، إذ أبدى عدد من الوزراء وجهات نظر غير مشجعة لمشروع الصك لاعتبارات تتعلق بضرورة مراعاة الوضع المادي للأسر الفقيرة والمحتاجة والتي قد تجد في أحكام مشروع الصك قيوداً مالية إضافية حيال إرسال أبنائها إلى المدارس. بالمقابل قدم وزير التربية وعدد من الوزراء ولا سيما من أعضاء اللجنة الاقتصادية، مداخلات مطولة تركزت على ضرورة التعامل مع الموضوع بكل موضوعية وواقعية، باعتبار أن أحكام مشروع الصك التشريعي لا تخلق محلاً جديداً لإنفاق التلاميذ، بل فقط زيادة المبالغ النافذة حالياً والتي أصبحت أكثر من قليلة ورمزية، وكذلك في ضوء الضغوط المالية الكبيرة التي تعاني منها وزارة التربية والخزينة العامة للدولة والحاجة الماسة لموارد إضافية إلى تمويل الأنشطة المدرسية. كما ركزت المداخلات على أن الهدف من هذا الصك التشريعي هو مساعدة المدارس في الاستجابة المحددة والمرنة للأعباء المالية الكبيرة جداً للنشاطات والحالات الطارئة المرافقة للخدمات التربوية والتعليمية والتي تلتزم الدولة بتأمينها مجاناً».
ولم يتبين بالنتيجة هل تم تمرير مشروع الصك التشريعي أعلاه من قبل الحكومة خلال الجلسة أم لم يمر؟!
لكن الحديث عن الضغوط المالية والحاجة لموارد إضافية لتمويل الأنشطة المدرسية، والتعامل مع هذا الموضوع بكل موضوعية وواقعية، يبدو ذريعة كافية لتمرير المشروع!

زيادة في التعدي على حق التعليم المجاني!

الصندوق المزمع إحداثه لزيادة الجباية من جيوب ذوي الطلاب، وفق المبالغ المصرح عنها من قبل وزير التربية، وبحسب الغايات المعلن عنها في الجلسة الحكومية أعلاه، هي ترجمة جديدة لزيادة تخفيض الإنفاق على التعليم، وتحميل ذوي الطلاب مسؤولية تمويل الأنشطة المدرسية وغيرها من الاحتياجات المدرسية، أي إنه تعدٍّ جديد على الحق المجاني بالتعليم المنصوص عليه قانوناً والمصون دستوراً، مع فرض المزيد من التراجع لدور الدولة ومسؤولياتها وواجباتها تجاه هذا القطاع الحيوي والهام!
وتجدر الإشارة بهذا السياق إلى أن سياسات تخفيض الإنفاق على التعليم كانت قد أوصلت ذوي الطلاب مسبقاً إلى تمويل الكثير من الاحتياجات والمتطلبات المدرسية، اعتباراً من قيمة أقلام السبورة، مروراً بقيمة أوراق المذاكرات والامتحانات، وليس آخراً بالاضطرار للدروس الخصوصية والجلسات الامتحانية لطلاب الشهادات!
فالتعدي على حق التعليم المجاني ليس بجديد، فما جرى خلال العقود الماضية، ويجري الآن من الناحية العملية هو قضم هذا الحق تباعاً، وصولاً إلى إنهائه على ما يبدو!
فالتكاليف التي يتكبدها ذوو الطلاب سنوياً من أجل استكمال تعليم أبنائهم في المدارس العامة، المجانية افتراضاً، لم تعد رمزية كما يحلو لبعض الرسميين وصفها، بل أصبحت كبيرة جداً، فكل طالب وتلميذ أصبح يكلف ذويه مبالغ مليونية سنوياً بسبب السياسات التعليمية المتبعة، والتي لم تقف مساوئها على تخفيض الإنفاق فقط، بل أدت إلى تراجع العملية التعليمية، وتسجيل المزيد من التراجع فيها عاماً بعد آخر!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المتضرر الأكبر من كل ما سبق هم ذوو الطلاب والتلاميذ من الغالبية المفقرة، الذين أصبحوا عاجزين عن تحمل المزيد من الإنفاق على تعليم أبنائهم، فالتسرب المدرسي ظاهرة تتزايد عاماً بعد آخر، وكذلك يتزايد الفرز الطبقي في إمكانية استكمال التعليم، بين القادرين على تحمل تكاليفه ونفقاته المتزايدة عاماً بعد آخر، مقابل العاجزين عن ذلك!
فمجانية التعليم يتم تقويضها تباعاً، بالتوازي مع تقويض دور الدولة ومسؤولياتها، وكل ذلك نتيجة للسياسات الطبقية الظالمة المجيرة لمصلحة القلة من أصحاب الثروة على حساب كل البقية من الغالبية المفقرة!

المستهدف للجباية باسم الصندوق يتجاوز 100 مليار ليرة سنوياً!

حسب التصريحات الرسمية مع بدء العام الدراسي الحالي بلغ عدد الطلاب التقريبي في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي بحدود 3,3 ملايين طالب وطالبة. وكما ورد أعلاه فإن وسطي الجباية للصندوق المحدث من كل طالب سنوياً تقدر بحدود 35 ألف ليرة لفصلين دراسيين!
على ذلك فإن المبلغ الإجمالي المتوقع جبايته لصالح الصندوق سنوياً يتجاوز 115 مليار ليرة، وهو المبلغ المستهدف للجباية من جيوب ذوي الطلاب باسمه سنوياً، وهو مبلغ كبير ومرقوم في حسابات المفقرين دون أدنى شك، بغض النظر عن حسابات الحكومة وذرائعها!
وبحسب ما هو مفترض سيتم توزيع هذا المبلغ للصرف على احتياجات المدارس، البالغ عددها بحدود 14500 مدرسة بحسب التصريحات الرسمية مع بدء العام الدراسي، وبالتالي فإن حصة كل مدرسة من الصندوق وسطياً ستكون بحدود 8 ملايين ليرة سنوياً، أي ما يعادل 1 مليون ليرة لكل شهر من أشهر الدراسة!
وهذا المبلغ يبدو أكبر من حاجات تغطية الإنفاق على الأنشطة المدرسية (علماً أنها لم تعد مجانية)، لكنه تماماً للمساعدة على تغطية بعض الخدمات التربوية، بحسب ما ورد من تبريرات في جلسة الحكومة، للإثبات مجدداً بعدم الالتزام الحكومي بمجانية التعليم المفترضة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1202