الحقيقة المرة والوهم المريح طرح حكومي مختصر يؤكد المضي نحو الأسوأ!
الحرب والعقوبات وقلة الموارد كانت وما زالت ذرائع لتبرير موبقات السياسات الرسمية وتكريسها، وهو ما بدا واضحاً في البيان الحكومي الجديد!
فالسياسات الجائرة المعتمدة ستبقى على حالها، بل مع مزيد من السوء بنتائجها، وخاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود والمفقرين!
مقتطفات من البيان الحكومي للتوضيح!
ورد في البيان الحكومي ما يلي: «ثمة محدودية واضحة في الموارد المالية للدولة، تترافق مع تنامي عجز الموازنة العامة للدولة إلى مستويات غير مسبوقة، وهي حالة وإن بدت تعكس خللاً في مقاييس المال والاقتصاد، فإنها تبدو طبيعية في موازين (المنطق) لبلد لا يزال يعيش حرباً وجودية منذ ما يقارب ثلاثة عشر عاماً، ويعيش في بيئة مضطربة تهدد الاستقرار العالمي وليس الإقليمي فحسب. في ظل هذا الواقع، لن يكون أمام الحكومة مساحة واسعة لخلق الموارد الإضافية لتمويل مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على وضعها الراهن. فلن يكون هناك قدرة على مضاعفة الرواتب والأجور أو زيادتها إلى مستويات تلبي رغبات المواطنين ورغباتنا العاطفية والنفسية، فالتمويل بالعجز ليس مصدراً آمناً ومستداماً لتمويل التنمية في مثل حالتنا، ما لم يترافق بنمو ملموس في معدلات الاستثمار والإنتاج، بل إنه سيؤدي إلى نتائج عكسية سنكون حريصين على عدم الانجرار إليها تحت أي ظرف كان. فالحقيقة المرّة أسلم من الوهم المريح».
الفقرة أعلاه من البيان الحكومي توضح أن «المنطق» هو استمرار الخلل في مقاييس المال والاقتصاد، مع التأكيد على استمرار محدودية الموارد المترافق مع تنامي عجز الموازنة، ونتيجة هذا «المنطق» الرسمي ستبقى سياسة تجميد الأجور على حالها، أي سيستمر حال محدودي الدخل والمفقرين على ما هو من السوء، بل مع الدفع بهم إلى مزيد من السوء!
وبما يخص السياسات النقدية ورد التالي: السعي إلى تحقيق استقرار النظام النقدي والمصرفي وتطوير القطاع المالي، بما يحقق الاستقرار النسبي لسعر الصرف والمستوى العام للأسعار، من خلال تطوير الإجراءات التنفيذية لدعم النمو الاقتصادي وزيادة التشغيل والحد من التضخم، وذلك بتطوير عمليات تمويل المشاريع الإنتاجية، ومتابعة إجراءات ترشيد حجم الإصدار النقدي، وإدارة إصدار سندات وأذونات الخزينة، والتعامل بمرونة وكفاءة مع تغيرات سوق القطع الأجنبي، وزيادة نطاق وفعالية استخدام وسائل الدفع الإلكتروني... وعلى الرغم من الاستقرار النسبي في سعر الصرف خلال الفترة الأخيرة إلا أن معدلات التضخم العالمية المرتفعة ساهمت باستمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية.
الفقرة أعلاه تعني الاستمرار بالسياسات النقدية المتبعة، بأدواتها بما يخص الإصدار النقدي وسندات الخزينة، وبنتائجها المتمثلة بالتضخم، مع تجيير جزء من أسبابه للتضخم العالمي، أي صعوبة الحد منه بالمحصلة، والنتيجة الأسوأ استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية، أي مزيد من الإفقار المعمم للغالبية المفقرة أصلاً!
وبما يخص ملف الدعم فقد ورد في البيان الحكومي ما يلي: لم يعد أمام الحكومة متسع من الوقت للانتهاء من ملف إعادة هيكلة الدعم الحكومي على سبيل المثال، لإدارته وفق أسس عصرية، بل وديناميكية، تتجاوز شبكات الترهل والفساد، نحو آليات تقنية وشفافة وكفؤة تضمن إيصاله إلى مستحقيه... الاستمرار في إعادة هيكلة سياسات الدعم الحكومي لزيادة كفاءتها وخلق ترابط بين الدعم الاجتماعي والدعم الموجه لأغراض الإنتاج.
الفقرة أعلاه تبين السيناريو الأسوأ بما يخص ملف الدعم، فالحكومة على عجلة من أمرها لإنهائه على ما يبدو، والحديث هنا من الواضح أنه يشمل كل الدعم الحكومي، ومن المفروغ منه أن المتضررين من ذلك بشكل رئيسي هم الغالبية المفقرة!
الوهم وحصاد السراب!
الفقرات أعلاه غيض من فيض، فهناك الكثير من الفقرات والعبارات في متن البيان الحكومي التي تؤكد الحقيقة المرة الوحيدة المتمثلة باستمرار سياسات الإفقار وتكريسها وتعميقها أكثر فأكثر!
أما الوهم الحقيقي فيتمثل ببعض العبارات والمفردات التجميلية المدبجة الواردة في متن البيان، والتي تتحدث عن الإنتاج وعن الرغبات العاطفية والنفسية، وغيرها من عبارات الوهم التي لن نحصد منها إلا السراب فقط!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1198