أسواق غير مستقرة والمواطن يدفع الثمن!

أسواق غير مستقرة والمواطن يدفع الثمن!

بات التذبذب السعري صعوداً، وعدم الاستقرار فيه سيد الأسواق، وخاصة الخضار والفواكه! فقد شارف موسم الخضار والفواكه الصيفية على نهايته، ورغم ذلك ما زال المواطن المفقر ينتظر انخفاض الأسعار، أو ربما منطقيتها، ليتسنى له التمتع بحبة دراق أو إجاصة أو حبة بندورة، فكل يوم سعر خيالي جديد بلا مبررات!

وهنا نتساءل على سبيل التذكير من المتحكم الأزلي بالأسعار؟
هل هي آليات العرض والطلب، كما يحلو لبعض الرسميين والاقتصاديين الترويج كتبرير؟ حكماً لا!
فالطلب يتراجع مع تراجع معدلات الاستهلاك، والسوق مليء بمختلف أنواع البضائع والسلع، مع ذلك تسجل الأسعار المزيد من الارتفاعات!
فقد تُرِكَت الأسواق رهن احتكار التجار وجشع الحيتان، بالتوازي مع غياب دور الدولة الرقابي ودورها على مستوى التدخل الإيجابي المفترض عبر أذرعها!

أسعار من كوكبٍ آخر!

في جولة لبعض الأسواق الشعبية رصدنا أسعار بعض الخضار والفواكه، حيث سجلت أسعار الكوسا بين 4500 ليرة إلى 8500 ليرة في حين تراوحت أسعار الباذنجان بين 4 إلى 8 آلاف، أما البصل فقد سجل 4 إلى 6 آلاف، والخيار 5 إلى 7 آلاف، كذلك الفواكه على اختلاف أصنافها، فقد سجل الكيلو منها بين 20 الف للخوخ إلى 35 ألف للتفاح والإجاص!
أما الكارثة الحقيقية فتمثلت بأسعار خضار المونة، فقد سجلت البامية 35 ألف للكيلو والملوخية تجاوزت 15 ألف للكيلو الواحد، تبعتها البندورة التي تراوحت أسعارها ما بين 10 إلى 12 ألفاً للكيلو، وعن غذاء الفقراء- البطاطا- فقد بدأت أسعارها بـ11 ألف للكيلو، والفليفلة تبدأ من 7 آلاف صعوداً حسب النوع والجودة، في حين تجاوز سعر كيلو الثوم 60 ألف، والأمر على هذا النحو تجاوز مقولة عدم الاستقرار، فلكل يومٍ شياطينه التي تسعر وتتحكم بالأسواق!

موسم البندورة رهن الاستغلال والاحتكار

عند حديثنا مع أحد مزارعي البندورة في محافظة السويداء أوضح لنا أنّ تكاليف الزراعة هذا العام كانت مرتفعةً جداً ومرهقة، ولاسيما الأسمدة والبذار والمبيدات والمحروقات شبه النادرة، إضافة إلى تكاليف النقل الكبيرة، وأجور الحراثة والعمل في الحقل، كل هذه التكاليف لم يعوض منها الفلاح شيء، فما إن بدأ موسم القطاف حتى كشر تجار سوق الهال عن أنيابهم ليشتروا المحصول بأبخس الأسعار!
وكما جرت العادة فالفلاح هو الخاسر الأكبر، ثم المستهلك!

وجهة نظر الجهات المعنية

تذبذبت التصريحات الرسمية وشبه الرسمية كما الأسعار حول أسباب الارتفاعات السعرية وعدم استقرارها، لا بل تناقضت أيضاً!
فقد أوضح عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق أسامة قزيز في تصريح لـصحيفة «الوطن» بتاريخ 7/8/2024: «إن ارتفاع السعر بالنسبة للبندورة يعود إلى أن كمية الإنتاج الأكبر منها خلال الفترة الحالية هي من قرى درعا، والعروة الحالية من البندورة باتت في نهاياتها وخلال أسبوع تقريباً ستنتهي، ونتيجة لذلك فإن الإنتاج حالياً انخفض وارتفعت الأسعار مؤخراً... وأن التصدير جيد خلال الفترة الحالية وليس له تأثير في رفع سعر البندورة، باعتبار أن البندورة التي تصدر حالياً هي من النوعية غير المرغوبة في السوق».
إذاً التصدير بريء وكذلك جشع التجار، من جوع المواطن المفقر وعجزه عن تأمين مستلزمات بيته، والسبب هو تأخره، فموسم البندورة سينتهي ولينتظر العروة القادمة!
أما البطاطا فلها رواية أخرى تمحورت حول سعر البذار الذي كان مرتفعاً، وطالب قزيز وزارة الزراعة بالتدخل وتأمين الكميات الكافية من بذار البطاطا للمزارعين!
أما مدير زراعة درعا بسام الحشيش فقد أكد لصحيفة تشرين بتاريخ 6/8/2024: «أنّ واقع محصول البندورة للموسم الجاري على مستوى المحافظة جيد... وأن تذبذب الأسعار يخضع للعرض والطلب، أضف إلى ذلك أنّ هناك كميات من الإنتاج تذهب للتصدير».
أما رئيس دائرة الإرشاد الزراعي محمد الشحادات فأوضح للصحيفة ذاتها وبالتاريخ ذاته أن سبب ارتفاع الأسعار هو محدودية المتاح في الأسواق حيث قال: «يمكن أن يُردّ إلى محدودية المتاح من البندورة في السوق نتيجة نشاط حركة التصنيع والتصدير لمختلف الأسواق، وكذلك زيادة الطلب بالأسواق المحلية، بالإضافة إلى مجموعة من الصعوبات المتمثلة بارتفاع قيمة مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والمبيدات والمحروقات والعبوات، وارتفاع تكاليف النقل والحصاد وقلة اليد العاملة وخروج عدد ليس بالقليل من المزارعين التقليديين لتعرضهم للخسارة خلال المواسم السابقة، وفقدهم لمدخراتهم ومحافظهم المالية وتحوّلهم إلى أعمال أخرى، كما أن هناك آثاراً سلبية خلّفتها التغيّرات».
إذاً موسم الخضار والفواكه وفير وكافٍ لتغطية الاحتياجات المحلية، مع فائض تصديري كما هو مبين، وكذلك المشكلة ليست بالعرض والطلب، بل بالتكلفة المرتفعة المترافقة مع معدلات استغلال منقطعة النظير من قبل حيتان أصحاب الأرباح على حساب الفلاح والمستهلك!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1188