شو جبرك ع المرّ غير الأمر!

شو جبرك ع المرّ غير الأمر!

المثل أعلاه ينطبق على عملية تهريب لمادة النحاس من لبنان إلى سورية، لمصلحة أحد الصناعيين، تم ضبطها من قبل الجمارك خلال الأسبوع الماضي!

فقد نقلت صحيفة الوطن بتاريخ 11/7/2024 كشف مصدر في الجمارك العامة عن ضبط كميات كبيرة مهربة من مادة النحاس، يقدر وزنها بحدود 5 أطنان من النحاس ضبطت في أحد البرادات القادمة من بيروت إلى دمشق، محملاً بالأدوية.
وأشار المصدر إلى أنه وفي الاعترافات الأولية بالتحقيق مع السائق أوضح أنه المسؤول عن تهريب المادة مقابل أجر مالي عرضه عليه صاحب مادة النحاس وهو صناعي وتاجر في دمشق، وأن الهدف من مادة النحاس هو استخدامها لتصنيع معدات القهوة والأراكيل وغيرها.
وفي إجابة أحد أعضاء غرفة صناعة دمشق للصحيفة عن سبب تهريب هذه الكمية من النحاس، رغم السماح باستيرادها وفق ما أكده مصدر في المديرية العامة للجمارك وعضو غرفة الصناعة، الذي قدر أن السبب الأساس وراء اللجوء إلى التهريب هو الهروب من مسألة التمويل عبر المنصة، حيث تحتاج عملية التمويل عبر المنصة إلى أكثر من 6 أشهر وعادة ما يرفع التمويل عبر المنصة تكاليف الاستيراد إلى أكثر من 30% وتصل في بعض الحالات إلى حدود 50%، وخاصة في الحالات التي يلجأ فيها المستورد لطلب التمويل من شخص آخر مقابل عمولة يتفق عليها، ما يدفع العديد من الصناعيين والتجار للذهاب إلى مثل هذا الخيار، إما لعدم توافر التمويل الكافي وإما لعدم تعطيل رأس المال لفترة طويلة، وبالتالي خسارة دوران رأس المال بسبب تأخر التمويل من خلال المنصة لأشهر وخسارة جزء من القيمة الفعلية لرأس المال بفعل حالات التضخم التي تحدث على سعر الصرف... ورأى أن ما يحصل من تهريب مادة النحاس مشـابه لما يحصل من تهريب لألواح الطاقة (اللواقط الشمسية) رغم السماح باستيرادها وتخفيض الرسوم الجمركية!
الحادثة أعلاه بحيثياتها تؤكد أن الإجراءات المتبعة من قبل المصرف المركزي بما يخص تمويل المستوردات عبر المنصة، مع غيرها من الصعوبات والعراقيل المبوبة بموجب تعليمات وقرارات رسمية، هي التي تدفع إلى زيادة وتعزيز عمليات التهريب التي يلجأ إليها بعض الصناعيين لتأمين بعض مستلزمات إنتاجهم، على مبدأ شو جابرك ع المر غير الأمر، ومن دون أن نبرر ذلك طبعاً!
وربما قضية التهريب التي تم ضبطها مؤخراً هي واحدة مقابل الكثير غيرها مما يمر تهريباً من المستلزمات والبضائع ولا يتم ضبطه، خاصة إذا علمنا أن هذه العملية تمت بناء على «إخبارية» بعد وصولها إلى دمشق!
فالأمر لا يقف عند حدود التأخر انتظاراً عبر قنوات المنصة لمدة 6 أشهر، بل بالتكاليف المضافة جرّاء هذا الانتظار، بنسبة 30-50% بحسب حديث عضو غرفة صناعة دمشق أعلاه!
وبحسب المصدر في الجمارك فإن قيمة القضية لم تحدد بعد بانتظار الانتهاء من الكشف وتقييمها، لكن بعض المطلعين على القضية قدّر أن غراماتها تتجاوز ملياري ليرة، وربما تصل إلى حدود 3 مليارات ليرة.
ولا شك أن التاجر والصناعي الذي يلجأ إلى عمليات التهريب لتأمين بعض مستلزماته بعيداً عن إجراءات المنصة وتعقيداتها، أخذ بعين الاعتبار حسابات الربح والخسارة، بما في ذلك احتمال ضبط هذه المهربات وما يترتب عليها من غرامات، وهذه الحسابات بالنسبة إليه تعتبر مجدية أكثر بالنتيجة!
فمما لا شك فيه أن الصناعي صاحب العلاقة في قضية التهريب أعلاه التي تم ضبطها سيلجأ إلى المصالحة عليها خاصة وأن المادة المهربة مسموحة بالاستيراد، مع دفع ما يترتب عليه من غرامات مقابلها، والتي قد لا تصل إلى نسبة 30-50% التي يتكبدها جراء اللجوء إلى منصة تمويل المستوردات!
على ذلك فإن ما تخسره الخزينة جرّاء عمليات التهريب المستمرة بسبب تعليمات المصرف المركزي وعراقيله ومنصته، أكبر بكثير مما تجنيه الخزينة لقاء ضبط الجمارك لبعض المهربات، مهما كانت غراماتها، فالمهربات التي تمر عبر الحدود غالباً أكبر مما يتم ضبطه منها!
وعلى الرغم من كثرة المطالبات بإلغاء المنصة أو بالتخفيف من عقباتها وصعوباتها من قبل الصناعيين والفعاليات الاقتصادية في البلاد، وبما يخفض من التكاليف المضافة التي تتسبب بها، إلا أن المصرف المركزي والحكومة من خلفه ما زالوا مصرّين على التمسك بها بعجرها وبجرها... هكذا!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1183