السكن البديل.. تضخم معترف به بالأسعار وغير معترف به ببدل الإيجار!

السكن البديل.. تضخم معترف به بالأسعار وغير معترف به ببدل الإيجار!

تستمر معاناة أصحاب الحقوق من أهالي وقاطني منطقة خلف الرازي السابقين، الذين فُرض عليهم التنظيم ذو الطبيعة الترفيّة باسم مشروعي (ماروتا وباسيليا سيتي)، وتم إخلاؤهم من بيوتهم دون إرادة غالبيتهم، مع وعود وردية لم يحصدوا منها إلا السراب!

فأصحاب الحقوق بالسكن البديل من هؤلاء يصرف لهم سنوياً بدلٌ ماليٌ عن الإيجار بموجب شيكات ريثما يتم تسليمهم سكنهم الموعود كما يفترض، وقد أصبح هذا البدل (الثابت) مع مرور الزمن هزيلاً جداً الآن!
بالمقابل فإن قيمة السكن البديل التخمينية متحرك وغير ثابت، علماً أن المؤسسة العامة للإسكان هي من تحدد هذا وذاك من القيم والمبالغ، في تناقض فاقع بين الثابت والمتحرك في حساباتها وتكاليفها!
لنتساءل كما غيرنا لمصلحة مَن يتم تجيير هذا التناقض؟!

بدل رمزي ثابت لذر الرماد في العيون!

لن نعيد الحديث عن الاستغلال الشديد الذي تعرض له هؤلاء بنتيجة الإخلاء، وثم عبر عمليات توزيع الأسهم والتخاصص والتحاصص فيها، وما إلى ذلك من آليات فَرضت على بعضهم بالنتيجة التخلي عن حقوقهم تحت ضغط الحاجة من خلال بيع أسهمهم تخاصصاً وتحاصصاً وتنازلاً، لكننا سنسلط الضوء على الغبن الذي لحق بأصحاب الحقوق بالسكن البديل للمتبقين من هؤلاء!
ففي عام 2015 تم تسليم أصحاب الحقوق بالسكن البديل شيكات كبدل إيجار لمدة عام كامل سلفاً، وبما يعادل 50 ألف ليرة شهرياً، وقد كان هذا المبلغ بحينه مقبولاً بحيث يستطيع هؤلاء الاستئجار في نفس المنطقة (المزة وما حولها)، أو بمناطق قريبة منها أو شبيهة بها، وخاصة من حيث مساحة البيت ومواصفاته، وخدمات المنطقة (أسواق- كهرباء- مياه- مواصلات- هاتف..).
وقد مرت السّنون الماضية بقساوتها على عموم السوريين، وعلى هؤلاء بشكل خاص كانت أكثر سوءاً، حيث ما زال المبلغ الشهري المخصص كبدل إيجار على حاله من الثبات، وهو ما يعادل 50 ألف ليرة دون أي زيادة عليه، وخلال هذه السنين وبنتيجة الارتفاعات التي طالت الإيجارات اضطر هؤلاء للانتقال تباعاً من منطقة سكنية إلى أخرى أبعد والخدمات فيها أقل وأسوأ، بحثاً عن سكن بالإيجار لقاء هذا المبلغ الشهري الهزيل والثابت، مع ما يعنيه ذلك من تراجع بمواصفات السكن ومساحته، وببعد المنطقة وبتراجع خدماتها، وصولاً إلى عجز المبلغ تماماً عن تغطية الإيجار الشهري، ولو لغرفة واحدة في أبعد رقعة جغرافية في ريف دمشق!
فبدلات الإيجار ارتفعت خلال السنين الماضية عدة أضعاف، لكن المؤسسة العامة للإسكان لم تأخذ هذا الارتفاع بعين الاعتبار على مستوى حقوق أصحاب السكن البديل، مبقية على بدل الإيجار الذي تسدده بموجب شيكات سنوية على حاله من الثبات منذ عام 2015 وحتى الآن!
فبدل الإيجار أصبح محدوداً ورمزياً، ولذر الرماد في العيون على أنه حق مصون من قبل المؤسسة ليس إلا، بينما يدفع أصحاب الحقوق فروقات بدلات الإيجار من جيوبهم طيلة السنين الماضية وحتى تاريخه!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى أنه كان من المفترض أن يكون السكن البديل قد أنجز، فالمدة المحددة لإنجاز وتسليم السكن البديل كانت محددة بـ4 أعوام من تاريخ الإخلاء، على ذلك فقد كان يجب أن تكون هذه البيوت قد سلمت منذ عام 2020 على أبعد تقدير، لكن التأخير والمماطلة في التنفيذ، مع غض الطرف عن ذلك وعدم المحاسبة عليه، أدى إلى أن تطول المدة بشكل كبير، وصولاً إلى وضع هامش زمني مضاف لإنجاز وتسليم السكن البديل وذلك حتى عام 2027!

المؤسسة مدينة لأصحاب الحقوق!

الأسوأ من ذلك أنه خلال السنين الماضية تم التقاعس والتأخر من قبل المؤسسة في تسليم الشيكات لأصحاب الحقوق لأكثر من مرة، والنتيجة أن هؤلاء لم يعودوا يستلموا هذه البدلات سلفاً، بل أصبح لهم في ذمة المؤسسة كسر مالي لقاء بدلات الإيجار عن فترة زمنية تقارب العامين حتى الآن!
والمصيبة بالنسبة لهؤلاء أن الوعود بما يخص تسليم السكن البديل هي حتى عام 2027، هذا إن تم التقيد بهذه الوعود ولم يتم الإخلال بها من قبل مؤسسة الإسكان مجدداً، وما على هؤلاء إلا الانتظار، مع استمرار تحمل فروقات بدلات الإيجار من جيوبهم وعلى حساب ضروراتهم للسنوات القادمة أيضاً!

التكاليف متضخمة والحقوق ثابتة!

مقابل كل ما سبق تقوم المؤسسة العامة للإسكان بتسعير قيمة السكن البديل التخمينية بمئات الملايين وفقاً لمعدلات التضخم التي تطرأ على تكاليفها المتحركة، مع فرض تسديد دفعة بما يعادل 30% من قيمة السكن البديل عند التخصيص (أكثر من مئة مليون ليرة)، على أن يسدد بقية القيمة على أقساط شهرية مرتفعة جداً، بحيث يعجز فيها غالبية هؤلاء عن تحملها!
فالمؤسسة العامة للإسكان تقوم بإجراء حسابات تكاليف مشاريعها وفقاً لمتغيرات الأسعار التضخمية، مع إدخال التعديلات عليها وفقاً لهذه المتغيرات بين الحين والآخر على الرغم أنها هي المتأخرة في التنفيذ، لكنها لا تعترف بعوامل التضخم بما يخص حقوق المواطنين لديها، والأمر بهذا الخصوص لا يقتصر على بدلات الإيجار الثابتة التي تسددها لأصحاب الحقوق بالسكن البديل فقط، بل بكل حقوق المكتتبين لديها على مشاريعها المتأخرة بتنفيذها من عشرات السنين وحتى الآن (السكن البديل والسكن الشبابي، وغيرها من المشاريع السكنية غير المنجزة)!

مزيد من التصفية لمصلحة أصحاب الأرباح!

والنتيجة أن كل ما سبق كان عامل تصفية إضافية دفع البعض لبيع حقهم بالتخصص بالسكن البديل لعجزهم عن تأمين الدفعة الأولى خلال الهامش الزمني المتاح لذلك (وإلا يفقد المخصص حقه بالتخصص)، ولعدم قدرتهم على تحمل الأقساط الشهرية المرتفعة، وذلك استغلالاً من قبل المتربصين من سماسرة العقارات وحيتانها، الذين تكبر حصة استحواذهم على عقارات المنطقة التنظيمية في مشروعي (باسيليا سيتي وماروتا سيتي) والسكن البديل فيهما تباعاً، على حساب أصحاب الحقوق الأصليين فيها!
ولعله من المفروغ منه أن عمليات التصفية على هؤلاء ستستمر حتى عام 2027 على أقل تقدير، إن لم يتم تمديد المدة الزمنية المحددة لإنجاز مشاريع السكن البديل من قبل المؤسسة، مع ما يرافقها من تعديلات على التكاليف التضخمية وفقاً لحساباتها، وبحيث لن يبقى من أصحاب الحقوق بالسكن البديل إلا كل طويل عمر من هؤلاء، لتؤول مشاريع هذه المساكن إلى أصحاب الأرباح والمستغلين أيضاً!
ليبدو بالنتيجة، وبكل وضوح، أن كل آليات عمل المؤسسة العامة للإسكان تصب في خانة مصالح كبار أصحاب الأرباح فقط لا غير على حساب أصحاب الحقوق، وخاصة من الغالبية المفقرة المغلوبة على أمرها، إجحافاً وظلماً من قبل المؤسسة العامة للإسكان، واستغلالاً من قبل حيتان سماسرة العقارات وأصحاب الأرباح!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1162
آخر تعديل على الإثنين, 19 شباط/فبراير 2024 13:17