رفع سعر الأسمدة ضربة جديدة لتقويض الإنتاج الزراعي!

رفع سعر الأسمدة ضربة جديدة لتقويض الإنتاج الزراعي!

وافق رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية بتأييد مقترح وزارة المالية بتحديد أسعار مبيع الأسمدة حالياً من المصرف الزراعي التعاوني إلى الفلاحين، وذلك بحسب ما ورد على صفحة الحكومة الرسمية بتاريخ 23/11/2023.

وقد تم تحديد الأسعار وفقاً للآتي: سماد يوريا 46% بسعر 8 ملايين ليرة للطن الواحد- سماد سوبر فوسفات 46% بسعر 6 ملايين ليرة للطن الواحد- سماد كالينترو 26% بسعر 5 ملايين ليرة للطن الواحد.
أسعار الأسمدة أعلاه، بما تحمله من زيادة على تكاليف الإنتاج الزراعي، تشكل ضربة جديدة موجهة للفلاحين خصوصاً على مستوى تكبيدهم المزيد من الخسائر، وللإنتاج الزراعي عموماً على مستوى تسجيل المزيد من التراجع فيه!

وسطي الزيادة السعرية على الأسمدة خلال عام 187% فقط!

يشار بهذا الصدد إلى أن أسعار الأسمدة بتاريخ 29/11/2022 المباعة من قبل المصرف الزراعي، أي منذ عام، كانت على الشكل التالي:
يوريا 46% بسعر 3 ملايين ليرة- سوبر فوسفات بسعر مليونين وخمسين ألف ليرة- نترات الأمونيوم 26% بسعر واحد مليون و650 ألف ليرة.
على ذلك فإن نسبة الزيادة على سعر الأسمدة خلال عام كانت بحدود 166% لليوريا 46%، ونسبة 192% للسوبر فوسفات، ونسبة 203% لنترات الأمونيوم 26%، وبوسطي نسبة زيادة على أسعار الأسمدة من قبل المصرف الزراعي قدرها 187%!
أما عن نسبة الزيادة على أسعار الأسمدة في السوق، المتحكم بها من قبل التجار والمستوردين، فهي أعلى من ذلك بكثير!
هذه النسبة المرتفعة في الزيادة السعرية على الأسمدة تشكل عامل ضغط على الفلاح والإنتاج الزراعي الذي سترتفع تكلفته من كل بد، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج سلبية، وخاصة على مستوى المزيد من تراجع هذا الإنتاج وتكريس الخسائر وزيادتها على حساب الفلاح!
ومع ذلك يقال إن الحكومة تدعم الإنتاج الزراعي والفلاح!

لجنة احتياجات القطر من الأسمدة بواد آخر!

أقرت لجنة تحديد احتياجات القطر من الأسمدة، خلال اجتماعها الذي عقد بتاريخ 23/11/2023 في وزارة الزراعة برئاسة وزير الزراعة، «البدء بتوزيع الأسمدة اعتباراً من بداية شهر كانون الأول الآتي في كافة فروع المصرف الزراعي التعاوني في المحافظات».
إقرار اللجنة البدء بتوزيع الأسمدة عملياً أتى بعد أن صدرت موافقة الحكومة على سعرها أعلاه، مع الإقرار عملياً بأنها متوفرة ومتاحة للتوزيع والبيع!
لكن ماذا عن الكميات من الأسمدة التي تم توفيرها فعلاً؟!
بحسب حديث الوزير خلال اجتماع لجنة تحديد الاحتياجات، فإن «الحكومة حددت احتياجات الخطة الإنتاجية الزراعية من الأسمدة وبذلت جهوداً كبيرة لتوفيرها من خلال تأمين كميات منها بالاستيراد لصالح المصرف الزراعي التعاوني، ومن إنتاج معمل الأسمدة التابع لوزارة الصناعة بحمص، ومن خلال قيام القطاع الخاص باستيراد كميات من الأسمدة الآزوتية وإنتاج الأسمدة الفوسفاتية محلياً».
وفي التفصيلات بحسب الوزير، «تم تأمين حوالي 50% من احتياج محصول القمح من سماد اليوريا حتى الآن، وكامل احتياجاته من السماد الفوسفاتي وفق جدول الاحتياج المعتمد لدى المصرف الزراعي، لافتاً إلى أن بيعها للفلاحين سيتم ضمن برنامج زمني محدد على مدى شهرين اعتباراً من بداية شهر كانون الأول من هذا العام، منوهاً إلى أن القطاع الخاص قام بتأمين كميات إضافية من الأسمدة والتي تمت إتاحتها للتداول في الأسواق».
حديث الوزير أعلاه واضح بأن الكميات التي تم توفيرها من قبل الحكومة محدودة جداً، وهي لا تغطي إلا نسبة 50% من احتياجات محصول القمح فقط بالنسبة لسماد اليوريا وكامل الاحتياج من السماد الفوسفاتي، مع ترك تأمين بقية الاحتياجات من الأسمدة للقطاع الخاص!
علماً أن ما تم تأمينه حكومياً من الأسمدة، غير المنتج محلياً من قبل معامل الأسمدة العامة، هو من خلال القطاع الخاص أيضاً، من خلال عقود توريد يتم إبرامها مع البعض من أصحاب الأرباح، وبما يضمن لهم هامش ربح مجزٍ طبعاً!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن زراعة القمح كانت قد بدأت، والتأخر بتوزيع الأسمدة من قبل المصرف الزراعي لبداية كانون الأول القادم تعني الاضطرار للجوء إلى السوق من الناحية العملية وهو ما جرى!
فإذا كان هذا الواقع الرقمي بما يخص الاحتياجات لمحصول القمح من الأسمدة، فماذا عن بقية الاحتياجات لبقية المحاصيل الزراعية، وما هو مصيرها؟!!
فالتعويل الرسمي على دور القطاع الخاص بتأمين كميات إضافية من الأسمدة لا يعني التخلي عن المسؤوليات والواجبات تجاه المحاصيل والإنتاج الزراعي أو تجاه الفلاحين والمزارعين فقط، بل يعني الدفع نحو المزيد من تحكم وسيطرة القطاع الخاص على هذا الإنتاج وعلى المحاصيل الزراعية، بما في ذلك الإستراتيجية منها!
فكيف يستقيم ما يقال عنه دور للحكومة وجهودها الكبيرة على مستوى تأمين الاحتياجات من الأسمدة، مع الواقع الرقمي لما تم توفيره فعلاً من قبلها من كميات محدودة، مع ترك الفلاح تحت رحمة التجار والمستوردين بالنتيجة؟!

محصول القمح والسعر التأشيري الخاسر!

وبما يخص محصول القمح، باعتباره من المحاصيل الإستراتيجية التي لم تتمكن الحكومة (بالرغم من جهودها) من تأمين حاجته من الأسمدة، بالتوازي مع الزيادة السعرية الكبيرة عليها، وبالمقارنة مع السعر المحدد من قبلها للموسم القادم بواقع 4200 ليرة للكغ الواحد، فهذا يعني أن هذا السعر أصبح أكثر خسارة بالنسبة للفلاحين من كل بد!
وبهذا الخصوص فقد أكد وزير الزراعة أن: «السعر التأشيري لمحصول القمح سيتم دراسته في نهاية الموسم الزراعي وفق التكاليف الفعلية للإنتاج، حيث سيتم لحظ الأسعار الجديدة للأسمدة ضمن دراسة التكاليف لضمان التسعير الاقتصادي».
تأكيد الوزير عن لحظ الأسعار الجديدة للأسمدة ضمن دراسة التكاليف لضمان التسعير الاقتصادي للقمح فيه اعتراف بأن السعر التأشيري المحدد حكومياً أصبح خاسراً بالنسبة للفلاح!
لكن ماذا عن عبارة «ضمان التسعير الاقتصادي» بهذا السياق، وهل المقصود «باقتصادي» للفلاح أم للحكومة، وما هي الرسالة المبطنة خلف كل ذلك للفلاحين؟!
حيث يمكن القول، إن الضربة الجديدة الموجهة للزراعة والإنتاج الزراعي وللفلاحين من خلال زيادة أسعار الأسمدة الأخيرة أعلاه هي ضربة موجعة ستزيد من معدلات تراجع الإنتاج الزراعي وهجرة الأرض!
فالتجارب المريرة للفلاحين مع الممارسات والسياسات الحكومية أفقدتهم الثقة بكل ما يصدر عنها بما يتعلق بالإنتاج الزراعي وبالمحاصيل وبمصلحتهم، مقابل ترك الحبل على غاربه بما يضمن مصالح كبار أصحاب الأرباح على حسابهم وعلى حساب استمرار الزراعة والإنتاج، كما على حساب الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني!

شهادات أصحاب العلاقة!

أخيراً نختم مع بعض التعليقات التي وردت على صفحة الحكومة تعقيباً على سعر الأسمدة المحدد من قبلها أعلاه:
كتر خير الحكومه عم تشجعنا عالزراعه!!!!
إذا بالمصرف ب8 ولا يمكن توفيره صار بالحر فوق ال12 وبلا زراعه والله مو جايبه هما!!
قرار حكيم لحتى الفلاح ما يعود يزرع أرضو قمح أو قطن الحل يترك أرضو ويشتغل شغلة ثانية!
ياسلام أسعار بتشجع المزارع على هجر الزراعة وبرنامج للتهجير من القرى بامتياز وخطط لاستيراد كل ماننتجه من الزراعة لنصبح بلداً يحتاج كل شيء!
إذا بتضلو هيك سنتين كمان ما بقا حدا بيزرع خط ب ارضو!
ماتت الزراعة!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1150
آخر تعديل على السبت, 02 كانون1/ديسمبر 2023 00:55