المناطق الشرقية والمعاناة من جحيم السفر!
التنقل والسفر معاناة لم ولن يعاني منها إلا أهالي المناطق الشرقية، وتحديداً مدينتي دير الزور والبوكمال!
فإذا ما احتاج أي مواطن من هذه المناطق السفر إلى دمشق أو العودة منها فعليه أن يتحزم بحزام الصبر، وأن يلبس لباس التجلد، ويأخذ جرعات من المهدئات طويلة المفعول!
فما تكاد تخرج من البوكمال ليكون بانتظارك العديد من الحواجز المنتشرة على طول الطريق، من البوكمال بداية إلى أن تخرج من دير الزور، وعلى امتداد مئة وثلاثين كيلو متر، لتأتي بعدها حواجز مدينة تدمر ثم مدينة حمص.. وهكذا إلى أن تصل العاصمة دمشق، التي تستقبلك أيضاً بحاجز عند مدخلها!
فالزمن الذي تستغرقه السفرة بالأيام الطبيعية التي سبقت سني الأزمة هو سبع ساعات، أما الآن فالسفرة تستغرق سبع عشرة ساعة متواصلة من العناء!
أما في العودة من دمشق، وفي السفرات الليلية، فما إن تصل إلى مدينة حمص حتى تتوقف بها منتظراً ما لا يقل عن أربع ساعات، إلى حين الساعة السادسة صباحاً لأن حاجز «الفرقلس» لا يباشر عمله قبل ذلك التوقيت.. هكذا، وكأن الموضوع الأمني كمهمة والحرص عليه، على أهميته وضروراته، بات وظيفة مقترنة بساعات عمل وساعات إغلاق!
فإذا كان خروجك الساعة التاسعة ليلاً من دمشق ستصل إلى البوكمال الساعة الرابعة عصراً من اليوم التالي، فالسفر لأي مكان أسهل من أن تسافر إلى البوكمال!
والمشكلة والمعاناة وفقاً لهذا السياق تصبح أكبر وأشد بالنسبة للأطفال وكبار السن والمرضى، فقدرة تحمل التعب والعناء وساعات الانتظار الطويلة بالنسبة لهؤلاء أقل بكثير من غيرهم!
فمع الاعتراف بضرورات الحواجز ودورها على المستوى الأمني، وأهمية ذلك وخاصة خلال سني الحرب، إلا أنه كان من المتوقع على ضوء تكريس حال الاستقرار في الكثير من المدن والمناطق والطرقات، وبالتوازي مع إجراءات تخفيض أعداد الحواجز، أن يتم التخفيف من بعض الإجراءات أيضاً، وخاصة تلك التي تستهلك عامل الجهد والزمن على حساب المواطنين، والأهم إنهاء المزاجية التي يتعامل بها بعض عناصر الحواجز مستهترين بالمواطنين ووقتهم وتعبهم، ناهيك عن بعض التصرفات والسلوكيات الاستغلالية، التي يتم حلحلتها بـ«إكرامية» غالباً!
أضف إلى كل ما سبق أن تكلفة السفر والانتقال من مدن المناطق الشرقية إلى دمشق تعتبر مرتفعة نسبياً!
فتكلفة سفر الراكب الواحد بالبولمان لا تقل عن أربعين ألف ليرة، وفي بعض الأحيان ترتفع سعر التذكرة بحسب الازدحام والمواسم، وبين سفرات الليل والنهار، مع الذريعة الدائمة والمستمرة المرتبطة بالمازوت والاضطرار لتوفيره عبر السوق السوداء وبأسعارها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السفر بوسائل النقل الأخرى باهظة جداً، ومع ذلك يضاف إلى هذه التكاليف ما يتوجب دفعه كـإكرامية في بعض الأحيان لقاء حمولة السفر الشخصية، من الحقيبة بما فيها، إلى الدخان وعلب الحلويات أحياناً، ولكل منها تسعيرة تدخل ضمن سياق «المزاجية» التي سبق الحديث عنها!
والسؤال المطروح على ألسنة أهالي المنطقة الشرقية المضطرين للسفر بحكم التواصل الاجتماعي مع ذويهم، وبسبب مراجعات الجهات الرسمية، وبسبب الدراسة أو المرض، وغيرها من الأسباب الطبيعية والكثيرة، هل من الطبيعي الاستمرار بهذا النمط الجحيمي من هدر الوقت والجهد والتعب والمال على حسابهم!؟
سؤال محق برسم الحكومة ووزارة الداخلية والجهات الأمنية!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1127