زيادة كبيرة وغير مبررة على سعر الفيول للقطاع الصناعي المنتج!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

زيادة كبيرة وغير مبررة على سعر الفيول للقطاع الصناعي المنتج!

تداولت وسائل الإعلام، وبعض صفحات التواصل الاجتماعي، صورة عن كتاب صادر عن رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 15/6/2023 موجه إلى وزارة النفط والثروة المعدنية يتضمن توصية اللجنة الاقتصادية المؤرخة في 12/6/2023 والمتضمنة تأييد مقترح وزارة النفط بتعديل أسعار مبيع مادة الفيول للقطاع الخاص من 3،300,000 ليرة للطن الواحد إلى سعر 4,443,993 ليرة للطن الواحد، وتكليفها من يلزم لإصدار القرار اللازم!

تجدر الإشارة بداية أن القرار لم يصدر بعد من قبل شركة محروقات، المخولة عادة بإصدار هذا النوع من القرارات، حتى تاريخه!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن السعر المعمول به حالياً للفيول المخصص للقطاع الخاص هو 3,335,000 ليرة/طن، وذلك بحسب آخر نشرة أسعار صادرة عن شركة محروقات بتاريخ 13/5/2023.
وهذا يعني أن سعر الفيول سيزيد على القطاع الخاص الصناعي، في القريب العاجل، بمبلغ 1,108,993 ليرة/طن، وبنسبة زيادة وقدرها 33% تقريباً!

الزيادة منذ مطلع العام 168% ونسبة 33% غير مبررة!

الزيادة بنسبة 33%، بحال صدور قرارها كما هو متوقع من قبل شركة محروقات، ستكون الثانية لهذا العام!
فكما ورد أعلاه فقد تم رفع السعر بتاريخ 13/5/2023، وقد كانت الزيادة على السعر السابق البالغ 1,415,000 ليرة/طن بحينه بنسبة 135% تقريباً، ولتصبح نسبة الزيادة على سعر مادة الفيول للقطاع الخاص 168% منذ مطلع العام ولحين تاريخ صدور القرار!
ولا ندري ما هي مبررات زيادة السعر بهذه النسبة الجديدة خلال مدة شهر فقط!
فبحسب مضمون التوصية فإن السعر المعتمد هو سعر التكلفة لكافة القطاعات باستثناء القطاع العام، مع لحظ المتغيرات الحاصلة على سعر الصرف مقابل الدولار، إضافة إلى المتغيرات بالسعر العالمي للمشتقات النفطية!
فسعر الدولار المعتمد في حساب التكلفة هو الصادر بنشرة المصرف المركزي المؤرخة بتاريخ 9/5/2023 بحسب مضمون صورة توصية اللجنة الاقتصادية أعلاه، والذي بناء عليه صدرت نشرة الأسعار بتاريخ 13/5/2023 أصلاً!
فسعر الصرف الرسمي لم يتغير خلال هذه الفترة، وهو ذريعة تعتبر ساقطةً حالياً، وبالتالي يجب ألا يؤثر في حسابات التكاليف، وبالتالي بالسعر كزيادة!
ومتغيرات أسعار المشتقات النفطية عالمياً، وعلى الرغم من تذبذبها ارتفاعاً وانخفاضاً بنسب محدودة خلال الشهر الماضي، إلا أنها لم تصل بحال من الأحوال إلى حدود هذه النسبة المرتفعة في الزيادة على سعرها، وبالتالي فإنها كذريعة تعتبر ساقطة أيضاً في حساب التكاليف، وبالحد الأدنى ليس بنسبة 33% أعلاه التي تعتبر كبيرة جداً!
على ذلك فإن الزيادة السعرية المقررة على مادة الفيول للقطاع الخاص حالياً تعتبر غير مبررة بحال اعتماد التكاليف فقط!
فهل يمكن اعتبار ذلك توجهاً اقتصادياً نحو القطاع الخاص الصناعي المنتج، الذي يعتمد على الفيول في تشغيل منشآته؟!

المزيد من الصعوبات وزيادة التكاليف الصناعية!

من المفروغ منه أن زيادة سعر مادة الفيول على القطاع الصناعي الخاص المنتج ستزيد من صعوبات هذا القطاع، والتي لن تقف عند حدود زيادة تكاليفه وبالتالي أسعار منتجاته فقط، بل على مستوى استمراره بالعمل والإنتاج!
فالانعكاسات السلبية لزيادة سعر الفيول وللتكاليف، وبالتالي للأسعار، سيتم حصادها على مستوى مزيد من تراجع معدلات استهلاك منتجات هذه الصناعات في الأسواق المحلية، وكذلك تراجع تنافسيتها في أسواق التصدير أيضاً، والتي ستؤدي إلى تراجع الإنتاج وتوقفه في بعض هذه المنشآت، مع وقف حال العاملين في هذه المنشآت، أي المزيد من البطالة، والنتيجة مزيد من التراجع الاقتصادي العام في البلاد!
فهل هذه هي النتائج المتوخاة من التوجه الاقتصادي الرسمي؟!

قاسيون تذكّر!

بهذا الصدد نعيد التذكير بمادة لقاسيون بتاريخ 14/5/2023 تحت عنوان «ضربة جديدة للصناعة والإنتاج الوطني.. 135,68% زيادة على سعر الفيول!»، والتي ورد فيها: «من المفروغ منه أن هذه الصناعات المبوّبة ضمن تصنيف الإنتاج الحقيقي في البلاد ستتأثر سلباً بزيادة سعر مادة الفيول، بل ستكون نتائج ذلك كارثية!».
وتحت عنوان «أولوية مصالح أصحاب الأرباح» ورد التالي: «لا شك أن المستفيد الأكبر من كل النتائج الكارثية المتراكبة أعلاه هي شريحة كبار أصحاب الأرباح، المستفيدين من جملة السياسات الليبرالية الظالمة، والمحميين بها! فكل منتج محلي يتم تقويضه والانتهاء منه، هو فرصة ومكسب جديد لهذه الشريحة كي تؤمن بديله مباشرة من خلال عمليات الاستيراد المتحكم بها لمصلحتهم، على حساب الإنتاج الوطني والمستهلك المحلي والاقتصاد الوطني! فهؤلاء من مصلحتهم الانتهاء من كل ما هو منتج في البلاد كي تزيد حصتهم السوقية وتحكمهم وسيطرتهم، وبالتالي هوامش أرباحهم من خلال زيادة معدلات الاستيراد التي تحقق لهم الأرباح السهلة والسريعة، وبأقل رأسمال مستثمر، وهو ما جرى ويجري تباعاً!»

المصالح والسياسات المعادية للإنتاج!

على ذلك، وجواباً للتساؤلات أعلاه حول التوجه الاقتصادي الرسمي، يمكن القول إن السياسات الاقتصادية المطبقة والمعمول بها معادية لكل ما هو منتج في البلاد على المستوى التنفيذي والعملي، تقسيطاً وبالجملة، وهي قائمة ومستمرة ولم تعد بحاجة إلى المزيد من الأمثلة لتأكيدها، بما في ذلك غياب المبررات لزيادة سعر مادة الفيول المتوقع صدور قراره قريباً استناداً إلى توصية اللجنة الاقتصادية أعلاه!
فكبار أصحاب الأرباح، الذين تمثل مصالحهم السياسات المطبقة وتعمل من أجلهم، لا يعنيهم إلا حصاد المزيد من الأرباح السهلة والسريعة، والتي لا تتأتى بنسبتها وهوامشها الكبيرة إلا من خلال تقويض الإنتاج (الزراعي والصناعي، العام أو الخاص) وإنهائه للاستعاضة عنه بالمستوردات، وهو ما يجري على قدم وساق برعاية حكومية ورسمية تامة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1127
آخر تعديل على الإثنين, 19 حزيران/يونيو 2023 16:25