الأخطاء الطبية والحلول الترقيعية
لا يكاد يمر شهر من دون أن نسمع عن خطأ طبي هنا أو هناك، بعضها قابل للإصلاح عبر إعادة العلاج وإجراءات الاستشفاء، وبعضها يتسبّب بضرر دائم أو حتى أدى إلى الوفاة.
وباتت هذه الأخطاء واضحة إلى الدرجة التي بات من الصعب بمكان التغافل والتعامي عنها، وعليه ربما جاء تصريح رئيس اتحاد شركات التأمين في سورية حسين نوفل لصحيفة الوطن حول دراسة لمنع الطبيب من ممارسة المهنة في حال لم يكن لديه تأمين ضد الأخطاء الطبية.
حيث أشار نوفل إلى أنه يتم توقيف طبيب أو أكثر أسبوعياً بسبب الأخطاء الطبية وبناءً عليه يتم العمل حالياً على وضع تأمين على الأخطاء الطبية التي من الممكن أن يرتكبها الطبيب أثناء ممارسة عمله بمعنى التأمين على أخطار ممارسة المهنة، وذلك من خلال وضع معايير حول هذا الموضوع، مبيّناً أنّ ذلك لا يلغي الأخطاء الطبية وإنما بهذه الخطوة لا يتحمل الطبيب التعويض المادي للمرضى نتيجة الخطأ الطبي الذي وقع فيه أثناء ممارسته ويتم دفع التعويض للمريض عن طريق التأمين، وبحسب نوفل فإن من يتوجّب عليه دفع التأمين هم الأطباء وأن الدراسة تقترح أن يكون ذلك شرطاً لممارسة المهنة.
محاولة حلّ النتائج
في معرض حديثه أشار نوفل إلى أنه عالمياً يتم تسجيل حالة واحدة من كل 10 حالات وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، في محاولة لاعتبار أمر الخطأ الطبي «حدثاً عالمياً» يحدث في كل البلدان، وهذا صحيح ولكن المأساة السورية لا يمكنها أن تكون جزءاً من شيء طبيعي يحدث في أي مكان!
فالتدهور المستمر في القطاع الصحي، من استنزاف مستمر للكوادر الطبية، وسوء تأهيل من تبقى منهم، وتردّي الوضع التعليمي في الكليات الطبية، وندرة أو فقدان بعض المواد الأساسية في الإسعاف والطبابة عموماً في المشافي الحكومية، وحتى في بعض المشافي الخاصّة، كلّ ذلك يلعب دوراً جيّداً في ازدياد عدد حالات الأخطاء الطبية. واعتراف نوفل بأن فكرة التأمين ليست بهدف تقليل الأخطاء أو تلافيها، يشي بالعجز حيال حل المشكلة بشكل جذري.
عبء إضافي على الطبيب
يقول أحد الأطباء لقاسيون ردّاً على الخبر: «قد لا يشكّل التأمين عبئاً كبيراً على بعض الأطباء ميسوري الحال، خاصّة القدماء منهم والذين استطاعوا فتح عيادات خاصّة لهم وتزويدها بالمعدّات الكافية، ولكن المتضرر حقيقة هو الطبيب الحديث الذي بالكاد يكفيه راتبه للأكل والشرب، ما يضع أمامه عقبة جديدة أمام فكرة البقاء في البلد ويجعله كغيره من الأطباء الخريجين حديثاً يفكر بالسفر والبحث عن فرص أفضل»!
ويضيف الطبيب: «الفكرة ليست سيئة بالعموم فمن الجيّد تخفيف الحمل عن المريض باعتباره المتضرّر الأكبر، ولكن في ظل الأزمات المتراكمة في القطاع الطبي، تأتي هذه الحلول بمثابة ترقيع لا أكثر»!
ويذكر أن وزارة العدل في دمشق كانت قد أصدرت منتصف شهر تموز الماضي تعميماً يقضي بعدم اتخاذ أي إجراء بحق الطبيب، إلا بعد الاستعانة بخبرة طبية جماعية تخصصية، لتحديد مسببات وفاة المريض أو الإيذاء المنسوب للطبيب خلال أدائه ليتخذ الإجراء القانوني المناسب بحقه على ضوء الخبرة.
مصلحة المتضرر أخيراً
بقي أن نشير إلى أن الحديث عن التأمين بهذا الصدد لا ينفي الغاية الربحية التي ستحققها شركات التأمين من ذلك، سواء على حساب الطبيب أو على حساب المتضرر من الخطأ الطبي من المواطنين، على اعتبار أن الغاية الربحية تسمو على جميع الغايات بالنسبة لعمل شركات التأمين.
فالخطأ الطبي وفقاً لما ذكر أعلاه ليس إلا مبرراً وذريعة لجني المزيد من الأرباح في حساب شركات التأمين عبر منتج تأميني جديد باسم الخطأ الطبي.
النقطة الأهم أن الخطأ الطبي ليس محصوراً بالأطباء فقط، سواء في المشافي أو في العيادات، فالمشافي نفسها قد تكون مسبباً بهذا الخطأ، وفي بعض الأحيان يتسبب الصيدلاني في بعض الأخطاء الطبية أيضاً.
وبحال توفر النية الجادة من أجل التخفيف من هذه الأخطاء، مع ضمان التعويض للمتضررين منها، فلعله من المفترض أخذ كل ذلك بعين الاعتبار.
الحديث عن التأمين بهذا الصدد لا ينفي الغاية الربحية التي ستحققها شركات التأمين من ذلك سواء على حساب الطبيب أو على حساب المتضرر من الخطأ الطبي من المواطنين
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1102