سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي ولمصلحة من!

سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي ولمصلحة من!

تعبيراً عن عجز الحكومة عن ممارسة دورها ومهامها، وتلميحاً منه على اعتراف الحكومة- سواء بشكل رسمي أو مواربة- بسعر الصرف بالسوق السوداء، أدلى رئيس جمعية الصاغة عبر إذاعة أرابيسك تصريحه الأول من نوعه كما يلي: نقوم بتسعير الذهب على دولار يساوي 5560 ليرة، وهو ما نعتبره سعراً وسطياً بين المركزي والسوق غير النظامية، وذلك لضمان عدم انخفاض سعره عن الدول المجاورة، وبالتالي تهريبه إلى الخارج، علماً أننا لا نملك تصريحاً بذلك من أية جهة، فالعمل جار بهذه الآلية منذ تأسيس الجمعية حفاظاَ على مخزون البلد من الذهب.

وإضافة إلى ذلك، نذكر تصريح أحد التجار قُبيل عدة أشهر، الذي وضح من خلاله أن البضائع بالسوق السورية تسعر فعلياً على دولار بـ 7000 ليرة، أي أن التجار وأصحاب المال يقومون بتسعير البضائع على سعر صرف أعلى حتى من سعر السوق السوداء، وذلك ضماناً لهم من عوامل التضخم، كما شهدنا في الأيام الحالية.
كما هناك الكثير من الكلام الخلبي أيضاً من قبل (حماية المستهلك) عن تدخلها المباشر لضبط الأسواق بما يتناسب والقدرة الشرائية للمستهلكين، لكنها بالمقابل تقوم بالتسعير وفقاً للتكاليف المعتمدة من المنتجين والمستوردين، أي بسعر السوق الموازي للدولار بالنتيجة.
ويضاف إلى كل ما سبق، ما قيل إنه تدخل سريع وحاسم بسوق الصرف من قبل المصرف المركزي، دون أن نلمس نتائج ذلك فعلاً!
استناداً إلى التصريحات الرسمية وغير الرسمية، نستطيع استقراء السياسات المالية والنقدية والسعرية التي تتبعها الحكومة لإدارة الاقتصاد الوطني، ولمصلحة من تدير هذا الاقتصاد، ويتوضح أيضاً التناقض الجوهري بين ما يصرح به رجالات الحكومة والرسميين، وبين ما تقوم به الحكومة بشكل فعلي!
فاذا كانت جمعية الصاغة تقوم بتسعير الذهب بسعر دولار قريب جداً إلى سعر صرف السوق السوداء، وإذا كانت مجمل السلع والخدمات التي يقدمها القطاع العام أو الخاص، تُسعر وفق سعر صرف السوق السوداء، فأين تلك التدخلات الحاسمة التي تفتخر بها الحكومة؟
فمجمل التدخلات هي مجرد أقوال وشعارات خلبية، ليس لها أي وجود حقيقي على أرض الواقع، وبالتالي، من الطبيعي أن يستمر الانحدار على المستوى المعيشي والخدمي لعموم المواطنين!
أما السؤال الذي يتبادر للذهن بعد كل ذلك، فهو عن اعتمادات الموازنة العامة للدولة لعام 2023 التي اعتمدت سعر صرف فيها بمبلغ 3015 ليرة مقابل الدولار، وما الغاية من ذلك طالما كل ما عداها يسعر بالسعر الموازي؟!
فالحكومة تقوم بتسعير مجمل السلع من محروقات وأسمدة ومواد غذائية، مثل: الأرز والسكر و.. بالإضافة إلى الخدمات، على سعر صرف السوق السوداء، فما الداعي لوجود سعر صرف رسمي أساساً؟
ليتضح جلياً مدى كفاءة وفعالية الأدوات الاقتصادية التي تعتمد عليها الحكومة في إداراتها للاقتصاد الوطني، ووضع السياسات المالية والنقدية والأجرية، ولمصلحة من يتم تجيير هذه السياسات بالمحصلة!
ولعل أكبر مثال فاقع كنتيجة ملموسة لكل ما سبق، هو ما يخص الأجور بالمقارنة مع القدرة الشرائية للمواطنين، وبأن ما ينطبق على البضاعة والسوق من سياسات لا ينطبق على قوة العمل من أجور!
فالحد الأدنى للأجور يقدر بـ 93,000 ليرة تقريباً، في حين أن الحد الأدنى للمعيشة يقدر بما يزيد عن 2,000,000 ليرة، مع تسجيل المزيد من العجز يومياً، وصولاً إلى معدلات فقر غير مسبوقة، 90% من السوريين تحت مستوى الفقر، 85% منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي!
فهل من جور وظلم أكبر من ذلك؟!
فكل السياسات المالية والنقدية والتدخلات الحاسمة للحكومة لضبط الأسواق وسعر الصرف هي حبر على ورق فقط، وكل الإجراءات التنفيذية لا تمت بصلة لكل تلك التصريحات الرسمية الخلبية!
فالمعيار الوحيد الذي يرتبط بكل الإجراءات والسياسات الرسمية هو مصلحة أصحاب الأرباح والنخب المالية، المتحكمة فعلياً بكل مفاصل العمل الاقتصادي في البلد، بل والمتحكمة بالمصائر، للبلاد والعباد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1102