قرض التسليف العقاري الشخصي والأجور!

قرض التسليف العقاري الشخصي والأجور!

أعلن المصرف العقاري نهاية الشهر الماضي عن إتاحة الحصول على القرض الشخصي بسقف 10 ملايين ليرة للعاملين في الدولة والمتقاعدين، وكذلك العسكريين، بغض النظر عن سقف الراتب، وذلك بتحقيق شرط مساواة رواتب الكفلاء لقيمة القسط الشهري.

وفي حديث لمدير التسليف في المصرف العقاري لصحيفة تشرين نهاية الأسبوع الماضي، أوضح فيه: إنه «يمكن لطالب القرض الذي لا يحقق شرط سقف الراتب المطلوب للحصول على القرض الشخصي، أن يأتي بكفلاء، تساوي مجموع رواتبهم مجتمعين قيمة القسط الشهري».
فماذا يؤمن مبلغ القرض البالغ 10 مليون ليرة من ضرورات؟
وهل إمكانية توافر الكفلاء متاحة أمام المضطرين للحصول على القرض؟

صعوبات

بحسب مدير التسليف، فإن قيمة القسط الشهري للقرض لمدة خمس سنوات هي ٢٣٥ ألف ليرة، و١٩٢ ألف ليرة للقرض لمدة سبع سنوات. وقد تم تحديد سقف الراتب المطلوب للحصول على ١٠ ملايين ليرة بمبلغ ٥٨٨ ألف ليرة لمدة ٥ سنوات، و٤٨٢ ألف ليرة لسبع سنوات. ولفت إلى أن المصرف ملتزم باحتساب النسبة المقررة بالقانون، وهي ٤٠٪ من الراتب مع التعويضات الثابتة.
الترجمة العملية استناداً لوسطي الأجور المقدر بحدود 110 آلاف ليرة، فإن نسبة 40% منها تبلغ 44 ألف ليرة، وهذا يعني أن طالب القرض بحاجة الى 5 رواتب كي تغطي القسط الشهري، سواء كانت المدة 5 سنوات أو 7 سنوات، أي 4 كفلاء من العاملين في الدولة، وهو أمر صعب وشائك جداً!
أما الصعوبة الأخرى، فتتمثل بمعدل الفائدة الكبيرة المعتمدة من قبل المصرف العقاري، والتي تبلغ للقرض قصير الأجل 14,5% لمدة خمس سنوات، وللقرض متوسط الأجل 15% لمدة سبع سنوات، وهي بالمحصلة ملايين إضافية ستصبح واجبة التسديد مع أصل القرض من قبل المقترض.
فأمر الحصول على القرض وفقاً للسقف الذي أصبح متاحاً أعلاه بات أكثر تعذراً، برغم ما تم اعتباره كتسهيلات.
فسقف القرض، بحال توفر العدد الكافي من الكفلاء، قد يؤمن شراء عدد محدود من السلع المعمرة فقط، أو يسد جزءاً من الديون المتراكمة على صاحب الدخل المحدود، ولعله يغطي تكلفة عمل جراحي اضطراري، مقابل ذلك سيزداد عجز صاحب هذا الدخل، فديونه المتوجبة لحساب المصرف مع فوائدها، ولحساب كفلائه المتضامنين، أكبر بكثير من أن يتحملها أجره الرسمي بالنتيجة، حتى وإن كان له دخل آخر من عمل إضافي خارج أوقات دوامه الرسمي، وهو حال الغالبية من أصحاب الدخل لمحدود!

مشكلة الأجور تعدت أصحابها إلى المصارف

المشكلة ليست بالآليات المتبعة من قبل المصرف العقاري في منح القروض لأصحاب الدخل المحدود، لتذليل الصعوبات أمام استثمار سيولته مع الضمانات الكافية لها بما يخص القروض المخصصة لأصحاب الدخل المحدود، باستثناء معدلات الفائدة الكبيرة أعلاه طبعاً، والتي لا يمكن اعتبارها مخصصة لهذه الشريحة كمساعدة بأي شكل من الأشكال، لكنها ربما تأخذ بعين الاعتبار عوامل التضخم والحرص على مصلحة العمل المصرفي، بغض النظر عن مدى دقتها!
فالمشكلة الأساسية تتمثل بالأجر المتدني نفسه، وهو ما تعجز عن معالجته كل التسهيلات الممكنة والمتاحة من قبل المصارف، سواء من خلال زيادة سقوف الإقراض وسنوات التسديد، أو من خلال تسهيلات الكفالة، وغيرها من التسهيلات الممكنة الأخرى، كأن يتم الاستغناء عن شرط الكفلاء لقاء وثيقة تأمين بعمولة لمصلحة المؤسسة العامة السورية للتأمين، أي مزيد من التكلفة على حساب المقترض!
فمشكلة الأجور المتدنية لم تعد نتائجها محصورة بالواقع المعيشي والخدمي المزري للغالبية المفقرة من أصحاب الدخل الحدود، أو بنتائجها الملموسة على مستوى انخفاض معدلات الاستهلاك، والتراجع الاقتصادي عموماً، بل تعدتها إلى مشكلة سيولة فائضة في المصارف، تعجز عن استثمارها حتى من خلال فتح سقوف الإقراض لأصحاب هذا الدخل.
وكل ذلك بمعرفة وعلم الحكومة، التي أضرت سياساتها العامة (الأجرية وغيرها) بحقوق أصحاب الأجور بشكل غير مسبوق، وألحقت الضرر بمؤسسات الدولة، وكذلك بالمؤسسات المالية المصرفية العامة، وبالاقتصاد الوطني، مع الإصرار على استمرارها بهذه السياسات التدميرية على كافة المستويات!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1095
آخر تعديل على الإثنين, 07 تشرين2/نوفمبر 2022 11:50