موسم القمح الحالي كسابقه مع فارق أزمة الغذاء طبعاً
ماسة سليمان ماسة سليمان

موسم القمح الحالي كسابقه مع فارق أزمة الغذاء طبعاً

ما تزال عمليات حصاد محصول القمح للموسم الحالي وتسويقه إلى مراكز المؤسسة العامة للحبوب مستمرة في البلاد، وسط تفاؤل رسمي بكميات إنتاج أفضل لهذا العام.

فقد صرح المدير العام للمؤسسة العامة للحبوب أن: «كميات المادة المسلمة تفوقت هذا العام عن إنتاج العام الفائت بنسب جيدة، ونأمل أن تكون الفترة القادمة حافلة بتوريد كميات إضافية، والموسم مستمر حتى نهاية الشهر التاسع».

الحصاد والمعاناة المتكررة

لا يخلو موسم الحصاد- الذي يُعد آخر مراحل معاناة الفلاح المستمرة طيلة الموسم، كما كل عام- من ذات المنغصات، في ظل ظروف معاناة واحدة تواجه الفلاحين في إنجاز هذه العمليات، والناجمة بشكل رئيسي عن نقص كميات الوقود اللازمة لمثل هذه العملية.
وتختلف نسب إنجاز حصاد الأراضي بين محافظة وأخرى، كما تتفاوت المعاناة في نقص عدد عمال الحمل والعتالة من منطقة لأخرى كذلك الأمر، والتي تؤدي إلى تأخر تسليم الحبوب بالسرعة المطلوبة.
فبحسب اللجنة التسويقية في ريف دمشق مثلاً، فإن تكلفة حصاد الدونم هي 30 ألف ليرة، وساعة الدراس بـ 12 ألف ليرة!

نسب الإنجاز

تختلف نسب إنجاز عمليات الحصاد والتسليم لمراكز الحبوب من محافظة لأخرى، والأرقام التالية هي آخر إحصاءات رسمية محلية عن ذلك، بحسب كل محافظة:
ريف دمشق: بلغت المساحات المحصودة حتى تاريخ 29 حزيران وفقاً للأرقام الرسمية حوالي 5300 هكتار، ووصلت نسبة الأقماح المسوقة للمراكز إلى 5400 طن، من نسبة الأراضي المزروعة وفقاً للخطة الزراعية والمحددة بـ 15 ألف هكتار.
حلب: بلغت الكميات المسوقة حتى تاريخ 26 حزيران بحدود 117 ألف طن، 80 ألف هكتار مروي، و10 ألاف هكتار بعل قابل للحصاد، وتم حصاده بشكل كامل، في حين تبلغ المساحة المزروعة 90 ألف هكتار مروي و40 ألف هكتار بعل.
حماة: بلغت المساحة المزروعة في محافظة حماة 44 ألف هكتار، بينما المساحة القابلة للحصاد بلغت 36 ألف هكتار، وأنجز حتى تاريخ 23 حزيران ما يقارب 30 ألف هكتار منها 16 ألف هكتار مروي 14 ألف هكتار بعل، وبلغت الكميات المسلمة نحو 22 ألف طن.
السلمية: المساحة المحصودة 2600 هكتار، بينما المزروعة 5200 هكتار، والكميات المسلمة حتى تاريخ 23 حزيران هي 659 طن.
الغاب: المساحة المحصودة 49268 هكتار، وإجمالي المساحة المزروعة 52188 هكتار، وبلغت الكميات المسوقة 93 ألف طن حتى تاريخ 29 حزيران.
حمص: بلغت نسبة المساحات المحصودة حوالي 75% من نسبة الأراضي المزروعة، حيث إجمالي المساحات المزروعة من المروي والبعل يقارب 34 ألف هكتار، وبلغت نسبة الكميات المسوقة 38 ألف طن حتى تاريخ 29 حزيران.
طرطوس: بلغت المساحة المحصودة حتى تاريخ 23 حزيران حوالي 8209 هكتار، منها 3206 مروي و5003 بعل، وبلغت الكميات الموردة إلى مؤسسة الحبوب حوالي 5308 طن.
الرقة ودير الزور: بلغت الكميات المسوقة إلى الحكومة في الرقة 18276 ألف طن بين دوكما ومشول، بينما بلغت المساحات المحصودة حوالي100 ألف هكتار، بينما في دير زور بلغت نسبة الأراضي المحصودة حوالي 12 ألف هكتار.
الحسكة: بلغت الكميات المسوقة إلى مؤسسة الحبوب حوالي 9 ألاف طن، بينما نسبة الأراضي المحصودة 83700 هكتار، ومجمل المساحات المزروعة مقدرة بـ 95 ألف هكتار.
إدلب: المساحة الأراضي المحصودة 7250 هكتار، أما الكميات المسوقة للمؤسسة حتى تاريخ 19 حزيران بحدود 5800 طن، والمساحة القابلة للحصاد 6800 هكتار للبعل، و3000 هكتار للمروي، في حين بلغت المساحة المزروعة بالقمح المروي 3,057 هكتار والبعل 16,980 هكتار.
السويداء: بلغت المساحة المزروعة بالقمح في السويداء إلى 33,244 هـكتاراً بعلاً، و766 هـكتاراً مروياً، بينما وصلت مساحة الأراضي المحصودة حتى تاريخ 23 حزيران 3255 هكتار، ونسبة الكميات المسوقة بحدود 100 طن.
وبالاعتماد على الأرقام أعلاه، فإن نسبة الكميات المسوقة والمسلمة لمؤسسة الحبوب قد بلغت بمجموعها 314,545 طن تقريباً، حتى نهاية شهر حزيران الماضي.
ووفقاً لتصريح مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة فإن كميات الإنتاج لهذا العام أفضل من العام السابق، والموسم مستمر حتى نهاية الشهر التاسع، حيث ذكر أن نسبة الأراضي التي حصدت بلغت 465,613 هكتار، بينما الكميات المسوقة 304 آلاف طن.

الحاجة الفعلية والاستيراد

حسب الأرقام الرسمية المحلية، فإن الحاجة الفعلية لسورية تقدر بـ 3,9 ملايين طن من القمح لتغطي كافة الاحتياجات، من طحين إلى معكرونة وبرغل وصناعات تعتمد على المحصول...إلخ.
وبناء على أرقام الكميات المسوقة والمقدرة بـ 314 ألف طن حتى الآن، والقابلة للزيادة المحدودة حتى نهاية الموسم، وإن كانت أفضل حالاً من الكميات المسوقة خلال الموسم السابق «المقدرة بـ 360 ألف طن، والمصنف على أنه الأسوأ على الإطلاق منذ سنوات» والذي قيل بحينه أنه عام القمح، فإنها بأحسن الأحوال لن تغطي حاجة سورية الفعلية من الطحين اللازم للخبز فقط!
فهل يستوي ذلك مع الحديث الرسمي عن كون الموسم الحالي جيداً، باعتبار أن المقارنة مع الموسم الماضي ليست ذات معنى، باعتباره كان من المواسم السيئة!
ومن المفروغ منه، أن ذلك يعد نتيجة لعدة أسباب أساسية متكررة في كل سنة وفقاً لسياسات الحكومة الآخذة بتخفيض الدعم عن الزراعة عموماً، وللزراعات الاستراتيجية خصوصاً، بدءاً من دعم الزراعة بالأسمدة والمبيدات الحشرية والعشبية والمحروقات اللازمة لعمليات السقاية وعمليات الحصاد، وليس انتهاءً بعدم وجود خطة للتخفيف من آثار الجفاف، وصولاً للأسعار التسويقية التطفيشية، على الرغم من كل الحديث الرسمي الذي يتحدث عن الدعم وعن التشجيع على زراعة القمح.
فجميع تلك الأسباب تضع الفلاح تحت عامل ضغط تحمل تكاليف الإنتاج على عاتقه، كما وتضعه تحت خيار تسويق جزء من محصوله بالأسعار المجدية والموازية لتغطية جزء من تكاليف إنتاجه، والمنافسة لأسعار المؤسسة العامة للحبوب.
فالموسم السابق وصل بحسب بعض الإحصاءات إلى 1,9 مليون طن، بينما المسوق لمؤسسة الحبوب كان لا يتجاوز 360 ألف طن.
واستناداً إلى جملة الأسباب والتجارب المريرة السابقة، والمكررة خلال الموسم الحالي، فلن يكون موسم القمح الحالي أفضل بكثير عن سابقه!
ولعل تلك السياسات الحكومية مدروسة إلى تلك الدرجة التي تبرر عمليات الاستيراد اللاحقة، نتيجة فشل موسم القمح الذي لا بديل عنه سوى الاستيراد اضطراراً!

مفارقة

أما المفارقة، فهي أن أزمة الحبوب العالمية التي يجري الحديث عنها قد تم تجاهلها حكومياً، وكأن هذا التجاهل يعفيها من مسؤولياتها حيالها وحيال تأمين الاحتياجات المحلية، وخاصة على مستوى الأمن الغذائي، حيث لم تسجل أية جهود حكومية إضافية لدعم موسم القمح توازياً مع هذه الأزمة، بل بقيت سياساتها الزراعية على حالها، كما استمرت بقية السياسات أيضاً، وليبقى عنوان الاستيراد هو الخيار الأمثل والمفضل على ما يبدو، وبما يعزز من دعم إضافي لجيوب مستورديه من كبار الحيتان، بذريعة الأزمة الغذائية العالمية، وأزمة سلاسل التوريد المستجدة وغيرها، وبغض النظر إن كان المواطن سيدفع فاتورة كل ذلك بالنتيجة نحو المزيد من الجوع والفقر، بالإضافة لما تتكبده خزينة الدولة من خسائر، والاقتصاد الوطني بالمجمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1077