احتضار الزراعة السورية
فارس منصوري فارس منصوري

احتضار الزراعة السورية

تتفاقم الكوارث على المواطن السوري، كمستهلك، بالتوازي مع تكرار المآسي التي يحصد نتائجها القطاع الإنتاجي (الصناعي والزراعي) مع كل دورة إنتاج، والخسائر المترتبة عليها، وخاصة في القطاع الزراعي، وكيف يتم استغلال واستثمار كل ذلك من قبل حيتان السوق والاستيراد والتهريب بالنتيجة.

فالصعوبات التي يعاني منها القطاع الإنتاجي (عام وخاص) كثيرة ومتعددة، سواء كان صناعياً أو زراعياً، ولعل أهمها ما جرى على مستوى مسيرة إنهاء الدعم المقدم لهذا القطاع الهام.
وكانت آخر مأساة هي حدوث موجة الصقيع «المفاجئة» التي أثرت على الكثير من الأراضي والمحاصيل الزراعية.
إذ ذكر مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير لبرنامج «المختار» الذي يبث عبر إذاعة «المدينة إف إم» عن موجة الصقيع التي حدثت في 16 آذار الماضي، قوله: بالنسبة للمساحات فمحصول البطاطا لدينا 2325 هكتار، والمتضرر منها تقريباً 1500 هكتار.
أي إنّ أكثر من نصف المساحة المزروعة قد تضررت، ما سوف يشكل لاحقاً ضغطاً على الحاجات في الأسواق المحلية، ستؤدي حكماً إلى زيادة في أسعار الخضروات، ما يشكل عبئاً إضافياً على المواطن السوري، الذي لا يكفيه راتبه أصلاً لتأمين متطلبات المعيشة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.

تقاذف المسؤوليات

أمّا بالنسبة لإجراءات الحكومة لدعم الفلاح والحيلولة دون تلف محصول آخر، فقد شهدت محافظة طرطوس بعد نوبة الصقيع، تقاذفاً للمسؤوليات، إذ طالب المزارعون في محافظة طرطوس إعفاء المناطق الزراعية من التقنين الكهربائي بعد انخفاض درجات الحرارة في تلك الفترة وتشكل الصقيع الذي سيسبب ضرراً في المحاصيل الزراعية.
بينما حمّل مدير عام شركة كهرباء طرطوس، عبد الحميد منصور، مديرية الزراعة المسؤولية لعدم طلبها من شركة الكهرباء تزويد المناطق التي يوجد بها بيوت بلاستيكية بالتيار الكهربائي.
ليصبح على إثر ذلك الضرر الناجم عن الصقيع أمراً لا مفر منه بالنتيجة!

تعويض نهاية خدمة المزارع

بعد وقوع الضرر لا يبقى سوى التساؤل عن ماهيّة الإجراءات المتخذة لتعويض الفلاح وتشجيعه على البقاء في أرضه وعدم تركها كي لا يتضرر عماد أساسي من أعمدة الأمن الغذائي في البلاد؟!
فقد حدد رئيس دائرة صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في مديرية الزراعة بطرطوس، حيدر شاهين في 12 من آذار، التعويض بقوله: «إن الشروط المحددة لتعويض الفلاحين هي امتلاك المزارع لتنظيم زراعي سابق لوقت الضرر، وأن تفوق نسبة الضرر 50% من إنتاجه الزراعي المتوقع، إضافة إلى أن يكون الضرر ناتجاً عن تنين هوائي بنسبة تصل لـ1% على الأقل.»
أمّا بالنسبة للتعويض الذي يدفع للفلاح فقد ذكر مدير زراعة حماة أن نسبة التعويض تدفع من صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية، وذلك بعد إحصاء الأضرار. وختم: كل المزارعين سيتم تعويضهم من قيمة الإنتاج، ونسبة التعويض هي 5% من قيمة تكاليف الإنتاج وفق قانون الصندوق.
نسبة التعويض أعلاه مع شروطها، وبغض النظر عن كل ما يمكن أن يقال حيال منحها عن المحسوبيات والفساد، تبدو صدقة أكثر ممّا هي تعويض!
فالمزارع الذي تكلّف بزراعة دونم واحد على سبيل المثال سيعوّض بمبلغ يمكنه من زراعة 50 متراً مربعاً في الموسم الذي يليه!
ومع ما يسجل كل عام من خسائر في المواسم سنوياً، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وسيطرة وتحكم حيتان السوق بآليات التسويق والتوزيع والبيع، لا مفر أنّ كل ذلك سيتسبب بالنتيجة في احتضار الزراعة في سورية وتوجهها نحو الانقراض.
وعلى ما يبدو إن تلك النتيجة هي الهاجس والغاية التي يتم العمل عليها بموجب جملة السياسات المتبعة، وبما يصب بمصلحة كبار حيتان السوق والاستيراد، فالأمر لا يقتصر على الإنتاج النباتي، بل والحيواني كذلك، ولا يقتصر على الإنتاج الزراعي، بل الصناعي والحرفي أيضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1064