مشفى الهلال يحرم أطباءه من الغداء!
رند الحسين رند الحسين

مشفى الهلال يحرم أطباءه من الغداء!

«نزلنا اليوم عموعد الغدا قال ما في غدا اليوم أبداً، وما بيعرفوا لإيمت، ويمكن ما يكون في عشا...»!

بهذه الكلمات قدّم الأطباء المقيمين في مشفى الهلال الأحمر شكواهم إلى إحدى الصفحات الطبّية على «فيسبوك»، أملاً في إيجاد حلّ لمشكلة الطعام المتفاقمة منذ وقتٍ طويل، جنباً إلى جنب مع مشاكل عديدة يعاني منها هذا المشفى.

تقنين ثمّ حرمان

يقول المقيمون في المشفى بأن إلغاء الغداء جاء بعد سلسلة من عمليات التقنين للطعام، بدايةً كانت مع البيض– بحجة ارتفاع أسعاره- ومن ثمّ الشاي.
يقول أحد الأطباء المقيمين لقاسيون: «الفطور عبارة عن نصف ملعقة لبنة، وعدد قليل من حبّات الزيتون المر والذي لم نكن نأكله لشدّة مراره، والقليل من المربّى الذي اختفى هو الآخر من الوجبات في الآونة الأخيرة، وجميع الوجبات بشكل عام قليلة ولا يمكنك طلب المزيد، باختصار «الأكل ما بيشبّع صوص»، أما وجبات الغداء فكانت بمعظمها تخلو من اللحوم، وإن صار «معجزة» وقدموا طعاماً يحوي لحوماً، تكون كمية اللحم مجهرية».
ولكن يبدو أن المشكلة ليست في الكمّ فقط، بل في النوع وجودة الطعام المقدّم!
يتابع الطبيب: «أكلة المقلوبة مثلاً كانت عبارة عن قشر باذنجان مع أرز «عم يقرط»، الكبسة كذلك الأمر، والطعم غير مستساغ في الكثير من الوجبات المقدّمة، وكلّ ذلك كان منذ فترة، أما الوضع الحالي فقد تجاوز السوء بمراحل.
فالتقنين لم يطل الطعام كحق فقط بل أدواته كذلك! فاختفت الملاعق وتم إخبارنا بأن نجلب ملاعقنا بأنفسنا، ثمّ وبحجة عدم توفّر مادة الغاز، اقتصرت وجبات الطعام على التناوب بين الأرز والبرغل مع لبن ممدّد بالماء، وصولاً إلى حرماننا من وجبة الغداء بشكلٍ مطلق!»

البحث عن بديل

ورد ضمن الشكوى المقدّمة حول الطعام في المشفى، شكوى ضمنية حول تأخر صرف الرواتب من مديرية الصحة للأطباء المقيمين في ثلاثة الشهور الأولى من الاختصاص، وهذا وعلى ما يبدو شيء روتيني يحدث مع جميع الأطباء في بداية اختصاصهم، ولكن التأخر في صرف الرواتب في ظلّ أزمة الطعام زاد الطين بلّة بالنسبة إلى هؤلاء الأطباء، والمشكلة حقيقةً في أنّ الرواتب التي يتقاضاها الأطباء المقيمون زهيدة إلى درجة لا يمكنّها تحمّل مصروف الطعام وحده، في حال قرّر الطبيب اللجوء إلى الطعام الجاهز، وهذا ما دفع العديد من الأطباء للبحث عن أعمالٍ أخرى خارج المشفى، كالعمل في شركات الأدوية أو ما شابه، وهو ما يستنزف طاقة الطبيب ويشغله عن تعلّم مهنته بشكلٍ جيّد، ولا سيّما ضمن ظروف العمل والتعليم المتردية أصلاً في المشفى.
فقد كشف أحد الأطباء المقيمين في المشفى لقاسيون عن عدم وجود تحاليل أو إيكو إسعافي أو تصوير طبقي محوري إسعافي، غالباً، ولأسباب عديدة، لا يخلو بعضها من أوجه الفساد.
ويقول الطبيب: «تقريباً بعد الدوام الإداري ما في شي شغّال».

سياسات تطفيش بالجملة

ما سبق هو غيضٌ من فيض مما يعانيه الأطباء المقيمون في المشافي عموماً (التابعة لوزارة التعليم العالي والتابعة لوزارة الصحة)، مع بعض الاختلافات النسبية بينهما، فالإهمال الموجود أصلاً بدأ يزداد بشكلٍ متسارع في الفترة الأخيرة إلى أن وصل إلى الطعام، وهذا مع الكثير من الأسباب الأخرى ما دفع ويدفع الكثير من الأطباء (المقيمين وغير المقيمين) أو الممرضين، وغيرهم من أصحاب الاختصاصات الطبية، إلى اللجوء إلى فكرة السفر كحلّ لسوء الأوضاع في القطّاع التعليمي الطبّي، وفي القطاع الصحي عموماً، ما يعني مزيداً من الاستنزاف في كوادر هذا القطاع، ومزيداً من تردّي الوضع في القطّاع الصحي، والمزيد من معاناة الشعب السوري بالنتيجة.
وكل ذلك يرتبط عملياً بسببين رئيسيين، الأول هو الأجور المجحفة والمتدنية جداً، في هذا القطاع أو غيره من القطاعات الأخرى، والثاني هو الاستمرار بسياسات تخفيض الإنفاق العام، بما في ذلك على القطاع الصحي رغم أهميته، وما بين هذا وذاك من أوجه تقصير ولا مبالاة وإهمال وفساد و...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1061
آخر تعديل على الإثنين, 14 آذار/مارس 2022 10:17