البرد لم يستثن المدارس ومازوت التدفئة بالقطّارة
تناولنا في مواد سابقة سوء تجهيز المدارس بشكل عام من مستلزمات ووسائل، ومن المياه ودورات المياه والنظافة عموماً، حتى أن كثيراً من المدارس لا تقوم الوزارة بترميم ما فسد من أثاثها، من الأبواب والنوافذ وغيرها، لتبقى الصفوف مضرباً للعوامل الجوية، من شمس وهواء صيفاً وشتاءً، ويزيد الأمر فجاجة بتضافره مع حالة الطلاب المناعية الضعيفة، بسبب سوء التغذية وتدهور الوضع المعيشي، فأولادنا لا قدرة لهم على تحمل الحر أو البرد.
ويطل علينا شتاء جديد، وعلى ما يبدو أنه من الشتاءات القاسية، ليغرس البرد سكاكينه الحادة في أجساد الأطفال في المدارس التي يقضون فيها 5 ساعات بين المقاعد والباحات.
كيف حرصت وزارة التربية والحكومة على تأمين الدفء للمدارس؟
يبلغ متوسط عدد الغرف في بعض المدارس، للطلاب والإداريين، 35 غرفة مختلفة المساحة، فكم يحتاج هذا العدد من المدافئ، ومن مادة المازوت، حتى يشعر الطلاب، ومعهم المعلمون والإداريون طبعاً، بالدفء في هذا الشتاء القارس؟
ولو اعتبرنا أن الأيام الباردة هي 50 يوماً فقط كدوام فعلي، وأن خزان الوقود لكل مدفأة يتسع لـ5 لترات ليوم واحد، فنحن بحاجة إلى 8,750 لتراً من المازوت لتغطية كافة الغرف والصفوف، طبعاً بحال تم تأمين مدافئ لجميع هذه الغرف.
ولكن الكرم الحكومي يمنّ على المدارس بأنها يزودها بمخصصات من مازوت التدفئة بمقدار 1,100 لتر فقط لا غير وسطياً!
فهل تلبي هذه الكمية الحاجة لتدفئة الصفوف في مثل هذا البرد القارس؟
فبحساب سريع لحصة كل صف وغرفة في المدرسة استناداً لرقم المخصصات أعلاه، سنجد أنها تقارب نصف اللتر في اليوم!
فهل نصف اللتر يكفي لتشغيل المدفأة 5 ساعات لتدفئة الصف الكبير؟
أم أن دفء المشاعر الحكومية سوف يفي وحده بالغرض!
توزيع خارج عن الرقابة
إن الحصة المستلمة من المخصصات تفضي إلى توزيع نصف لتر لكل صف في الأيام الباردة، هذا إن تم توزيعها بشكل عادل وفق التقسيم السابق، ولكن ماذا إذا وقعت هذه المخصصات بين أيد غير أمينة وفي ظل الفساد المستشري في هذا القطاع سرقة وتلاعباً، وما أكثرها! فقد تم تسجيل العديد من حوادث سرقة المازوت من المدارس خلال الفترة القريبة الماضية، عندها سوف يبقى الطلاب معرضين طوال هذا الفصل لنزلات البرد، مع الاضطرار لتسميك اللباس أو لجلب أغطية من منازلهم، دون أن يجدوا دفئاً في هذا المكان الذي تعلموا أنه بيتهم الثاني، ولا غرابة أن يكون بيتهم الثاني أشد برداً من بيتهم الأول ذي الـ 50 لتراً أيضاً بالرعاية الحكومية!
فكيف ستتم العملية التعليمية بشكلها الصحيح إذا افتقد الطلاب أهم معطيات التركيز والانتباه عندما تكون أجسادهم ترتجف برداً؟
طبعاً مثل هذا السؤال وغيره لا يجيبنا عنه إلا الحكومة افتراضاً، فهي أبرع من يقدم التبريرات والذرائع، حتى لو عانى كل الأطفال في المدارس من البرد، وحتى لو تجمد الطلاب على مقاعدهم، فالحل دائماً في جعبتها، وهو معروف، التبرير والتبرير والتبرير فقط.
وليبق كل الواقع السيء والمتردي على ما هو عليه، إن لم يزدد تراجعاً وتردياً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1050