السورية للتجارة نحو المزيد من الخصخصة
عبير حداد عبير حداد

السورية للتجارة نحو المزيد من الخصخصة

وافق مجلس محافظة دمشق يوم 10 تشرين الثاني الحالي، على توصية اللجنة الاقتصادية بالمجلس، والمتعلقة بطرح غالبية صالات السورية للتجارة للخصخصة تحت مسمّى «المشاركة والاستثمار» ليقتصر عمل بعض الصالات على بيع المواد المقننة.


نموذج خصخصة صالات السورية للتجارة «تحت أي مسمى» يبقى واحداً من الكثير والكثير من النماذج التي أوجدت لها القرارات الحكومية المسوغات والذرائع العديدة، منها: «الاستثمار- التشاركية... إلخ»، طبعاً ولا يصعب أن تبرر جريمة خصخصة العديد من المنشآت الحكومية تحت ذرائع عدة، منها: «لا جدوى اقتصادية عائدة من سين من المنشآت- منشآت عديدة توقفت بسبب الحرب- مرونة القطاع الخاص... إلخ»، فسرعان ما تستجيب القرارات الحكومية للتوصيات المطروحة لتتنازل عنها لأصحاب نفوذ الاستثمار والنهب.


ذرائع خصخصة صالات السورية للتجارة  

أما عن المسوغات التي طرحها رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة دمشق المتعلقة باستثمار ما تبقى من صالات السورية للتجارة «أن التوصية جاءت بناءً على دراسة قامت بها اللجنة لواقع الصالات، حيث تبين أن الأسعار فيها أعلى من السوق، والتشكيلة السلعية متواضعة، وبالتالي لا تقدم أية فائدة للمواطن، مبيناً أنه في حال طرح الصالات للاستثمار سيتحقق عائد كبير للسورية للتجارة يمكن عكسه على دعم أسعار السلع المقننة وزيادة عددها».
كما أشار عضو مجلس الشعب بلال النعال «العديد من التجار تقدموا إلى وزراء التموين السابقين بعدة مقترحات لتحويل الصالات إلى محلات سوبرماركت ضخمة تضاهي الموجودة في أرقى المولات، من خلال الديكورات والتشكيلة السلعية الكبيرة مع التعهد بالبيع بأسعار تقل عن أسعار الصالات بأكثر من 5%»، لافتاً أن التجار جاهزون للعمل تحت أية صيغة قانونية يطرحها مجلس إدارة السورية للتجارة، معتبراً أن هذه الصيغة الجديدة ستنعكس على واقع الأسعار للمواطنين!


استثمارات سابقة خير دليل على التناقض

إن استثمار صالات السورية للتجارة ليس بجديد، فسابقاً تم الاستثمار تحت أوجه عدة، منها: عبر استثمار مبطن تحت إدارة السورية للتجارة، البيع بالأمانة، فأغلب المواد السلعية الموجودة ضمن صالات السورية للتجارة هي سلع تعود لقطاعات خاصة!
كما سبق أن تم الاستثمار بشكله المباشر، ومثال على ذلك: صالة السورية للتجارة التي تعرف حالياً باسم «قاسيون مول»، وغيره الكثير.
والجدير بالذكر، أن مثل هذه الاستثمارات أصبحت فعلاً تضاهي أرقى مراكز التسوق الضخمة المخصصة للنخب المخملية، مثل: «شام ستي سنتر- دماسكينو مول... إلخ»، سواء بالسلع أو الديكورات وعقود الاستثمارات المطروحة ضمنها لمصلحة المستثمر طبعاً، والأسعار أيضاً.
فعن أي طرح يتكلمون، وعن أي تعهد بالبيع بأسعار تقل عن أسعار الصالات بأكثر من 5%؟


قتامة الواقع السوري

من يراقب المشهد السوري اليوم يلمس الواقع الذي سلك فيه التناقض- بين الناهبين والمنهوبين- طريقه الأكثر حدةً وانحداراً بشكل غير مسبوق.
فقد أسدل الجوع والفقر المدقع ستارته الأكثر قتامةً على المواطن، الذي يراهن ناهبوه من سيدفعه بسرعة أكبر لما تحت عتبة الفقر والجوع بدرجات، بل تلذذوا وفكروا ملياً، كيف يمكن المساس بأمنه الغذائي، حيث أصبح ميزان النهب لديهم بلا رقيب أو سلطان.
فتسارعت عجلة قرارات تخفيض الدعم وارتفاع الأسعار المتتالية خلال السنوات الأخيرة، لتصبح فاقعة مع حلول العام الحالي، في سبيل إرضاء شركائهم بجريمة النهب والفساد، التي بات ضحيتها المواطن المنهوب، ولتضيق أعينهم أخيراً، عبر الطرح أعلاه، على ما تبقى من صالات السورية للتجارة، على قلتها وسوء وضعها، والمخصصة لمواده التموينية «المدعومة»، ساعين للاستحواذ عليها تحت أي مسمى، وليذهب المواطن المفقر وحقوقه بالمخصصات التموينية، مع ما تبقى من «دعم» عليها، إلى الجحيم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1045